للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

((علم عمر وعلي رضي الله عنهما بالدين والقضاء بين مجلة الشبان المسلمين ومجلة العرفان)) .

لا يطيق أحد من الشيعة المتعصبين أن يرى في كتاب أو مجلة ثناءًا عظيمًا على أبي بكر أو عمر رضي الله عنهما ولا سيما إذا كان فيه صيغة اسم التفضيل، مع العلم بأن اسم التفضيل كثيرًا ما يستعمل في التفضيل الإضافي أو بتقدير من التبعيضية. (١)

وقد كتب الأستاذ الدكتور يحيى أحمد الدرديري مقالة في مجلة جمعية الشبان المسلمين في الثناء على عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال فيها: كان عمر رضي الله عنه أعلم الصحابة بالدين وأفقههم فيه. فنقل عنه الأستاذ صاحب مجلة العرفان نبذة منها وعلق على هذه الجملة ردًّا عليها لعله لم ينقلها إلا لذلك قال: هذا منافٍ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أقضاكم علي) (٢) وقوله: (أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها) وقول عمر نفسه: (لولا عليٌّ لهلك عمر) (٣) ، (ولا كنت لقضية ليس لها أبو الحسن) (٤)

اهـ.

ونقول في الرد على الأستاذ صاحب مجلة العرفان: إن الحديثين


(١) إنّ المشكلة الحقيقية التي تعتري هذا النوع من العقول هي أنها عقول لا تريد أن تفهم، وإنما بُرمجت منذ أمد بعيد على أن ترى الإمام علياً فوق مستوى البشرية، وأن لا تقبل الحقيقة كما هي، وقد بُرمِجوا - أو لِنقل برمَجوا أنفسهم - على أنّ أعداءهم الأولين والآخرين هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذين صاهر منهم من صاهر وقرّب منهم من قرّب واختص منهم من اختص!
(٢) أخرجه ابن ماجه (١٥٤) عن أنس رضي الله عنه لكن بلفظ: ((أرحم أمتي أبو بكر ... وأقضاهم علي)) ، وهو ضعيف والصواب إرساله كما ذكر ذلك الحاكم في معرفة علوم الحديث (ص ١٧٤ ط: العلمية) ، وقد برهن على ذلك بكلام علمي نافع الحافظ الشاب محمد ابن عبد الهادي رحمه الله حيث ألف جزءاً خاصاً في إثبات هذا الأمر.
(٣) سبب قول عمر رضي الله عنه - فيما يروون - أن عمر رضي الله عنه أمر برجم مجنونة فقال له علي رضي الله عنه: ((إن القلم رفع عن المجنون حتى يفيق..)) فأمسك عمر وقال: ((لولا على لهلك عمر)) وقال شيخ الإسلام في منهاج السنة عن هذه العبارة: ((والجواب: أن هذه الزيادة ليست معروفة في هذا الحديث)) .
وممن أشار إلى - تلك الزيادة دون ذكر إسنادها - ابن عبد البر في الاستيعاب (٣/١١٠٣) ، وقد ذكر المحب الطبري في الرياض النضرة جـ٢ ص (١٦١) قصة أخرى وعزاها إلى كتاب العقيلي وهو في الضعفاء أصلاً، وإلى ابن السمان في الموافقة ولا يوجد منه إلا مختصره للزمخشري.
(٤) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (٢/٣٣٩) عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس فيها أبو حسن.
وفي سنده: "مؤمل بن إسماعيل" قال البخاري: (منكر الحديث) . انظر: لسان الميزان (٧/٤٧٢) .

وهاتين العبارتين على - فرض صحتهما - تدلان على الأهمية والمكانة والرأي المعتبر لعلي رضي الله عنه لدى من سبقه من الخلفاء، كما أنها تتعارض تماماً مع دعو أنهم أبعدوا علي بن أبي طالب فنبذوه وتركوه حبيس داره، ولم يشركوه في شئ من أمرهم طيلة ربع قرن، ليذلوه ويحقروه، ويبعدوا الناس عنه!
لكن هل نظر القوم إلى هذه العبارة - على فرض صحتها - تلك النظرة التي أشرتُ إليها، كلا بل على العكس! حيث استعملوها بالمقلوب واعتبروها أدلة على جهل عمر

<<  <  ج: ص:  >  >>