للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمم في هذا الأمر علمًا وعملاً، يشهد له بهذا علماء هذا الشأن من جميع الشعوب، ولبعض علماء أوربة وفلاسفتهم أقوال في ذلك مشهورة ومدونة. (١)

فلو كان العلم الذي يفضل صاحبه على غيره في الخلافة وإدارة سياسة الأمة هو كثرة الحفظ للأحاديث وضبط الروايات لكان أبو هريرة وأنس بن مالك أول من ولاهم الخلفاء الراشدون ولا سيما عمر على الأمصار، ولو كان الذي يصلح لذلك أصحاب المبالغة في الزهد والعبادة لكان أبو ذر وأبو الدرداء وأبو موسى الأشعري مقدمين على غيرهم للولاية والسياسة وإدارة أمور الشعوب.

وجملة القول في براهين السيد عبد الحسين نور الدين العقلية: إنها ليس فيها قياس منطقي مؤلف من مقدمات يقينية تصلح لتأليف برهان عقلي؛ وإنما جاء بروايات نقلية لا يمكنه إثباتها كلها؛ وإنما بعضها صحيح كتقدم إسلام علي على إسلام عمر، وهو لا يدل على ما استدل به عليه، وبعضها لا يصح، وهو على فرض صحته لا ينتج مع غيره ما فهمه منه بطريقة القياس البرهاني لما بيناه من


(١) تقول دائرة المعارف البريطانية: ((كان عمر حاكماً عاقلاً، بعيد النظر، وقد أدى للإسلام خدمة عظيمة)) ، ويقول الأستاذ واشنجتون إيرفنج في كتابه "محمد وخلفاؤه" ص ٦٥: ((إن حياة عمر من أولها إلى أخرها تدل على أنه كان رجلاً ذا مواهب عقلية عظيمة، وكان شديد التمسك بالاستقامة والعدالة، وهو الذي وضع أساس الإمبراطورية الإسلامية، ونفَّذ رغبات النبيِّ صلى الله عليه وسلم وثبتها بنصائحه أثناء خلافته القصيرة. ووضع قواعد متينة للإدارة الحازمة في جميع البلاد التي فتحها المسلمون، وإن اليد القوية التي وضعها على أعظم قواده المحبوبين لدى الجيش في البلاد النائية وقت انتصاراتهم لأظهر دليل على كفاءته الخارقة للحكم، وكان ببساطة أخلاقه واحتقاره للأُبَّهة والترف مقتدياً بالنبي وأبي بكر، وقد سار على أثرهما في كتبه للقواد)) .
كما أن مايكل هارت - وهو عالم فلكي شهير - ذكر عمر رضي الله عنه ضمن أعظم مائة شخصية في التاريخ وكان من أقواله عنه رضي الله عنه " ص ٢٠٩ - ٢١١ ": ((وقد كان عمر خليفة حكيماً وسياسياً بارعاً. . وما أنجزه عمر بن الخطاب شيء باهر , فبعد وفاة الرسول كان عمر هو الشخصية التي نشرت الإسلام)) ، ومما قاله الأستاذ مويرفي كتابه "تاريخ الخلافة الإسلامية " ص ٦٢ ما ترجمته: ((كانت البساطة والقيام بالواجب من أَهَمِّ مبادئِ عمر، وأظهرُ ما اتصفت به إداراته عدمُ التحيُّز، والتعبدُ، وكان يقدر المسؤولية حق قدرها ... وكان شعوره بالعدل قوياً، وكانت له أعمال سجلت له شفقة، من ذلك شفقته على الأرامل والأيتام)) .
وقد أُفْرِدَ هذا الموضوع المهم بمؤلَّفٍ بعنوان: "مناهج المستشرقين في كتاباتهم عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في دائرة المعارف الإسلامية، دراسة تحليلية نقدية " وهي من إعداد: محمد عامر عبد الحميد مظاهري، وهي عبارة عن رسالة دكتوراه في كلية الدعوة بالمدينة النبوية التابعة لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية سابقاً والتابعة لجامعة طيبة حالياً، ولم أقف عليها مطبوعة إلا ن لها نسخة في مكتبة الملك فهد الوطنية.

<<  <  ج: ص:  >  >>