للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم كان محافظًا على تلك الأخوة، وما انحط إلى أسفل دركات السقوط والذلة إلا بعد أن أضاع تلك القوة، ويشهد الله سبحانه أن ما ذكرته من عقيدة الشيعة الإمامية في إخوانهم المسلمين هو الحقيقة الراهنة التي لا محاباة فيها ولا تقية، وإن ظهر من كلام بعض العلماء خلافها فلعله من قصور التعبير وعدم وفاء البيان، ومن شاء الزيادة في اليقين فدونه الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين سلام الله عليه وهي زبور آل محمد صلى الله عليه وسلم، فلينظر في دعائه لأهل الثغور الذي يقول في أوله:

((اللهم صل على محمد وآل محمد، وحَصّن ثغور المسلمين بعزتك، وأيد حماتها بقوتك، وأسبغ عطاياهم من جدتك ... )) إلخ الدعاء على طوله. (١)

وهل يشك أحد أن حماة الثغور في عصر الإمام زين العابدين عليه السلام - أعني عصر بني أمية - كانوا من جمهور المسلمين وأكثرهم بل كلهم من السنة، والصحيفة السجادية تالية القرآن عند الإمامية في الاعتبار وصحة السند. (٢)

والقصارى أني أعلن عني وعن جميع مجتهدي الشيعة


(١) وقد ورد كلام آخر منافٍ - بحسب الظاهر - لهذا الدعاء عن حفيد علي بن الحسين وهو جعفر بن محمد كما ورد عن عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله: جعلت فداك ما تقول في هؤلاء الذين يقتلون في هذه الثغور؟ قال: فقال: الويل يتعجلون قتلة في الدنيا وقتله في الآخرة والله ما الشهيد إلا شيعتنا ولو ماتوا على فرشهم)) انظر: الوافي للفيض الكاشاني (٩/١٥) ، وسائل الشيعة للحر العاملي (١١/٢١) ، جواهر الكلام لمحمد حسن النجفي (٢١/٤٠) .
ولا توجد أي منافاة بين دعاء الجد وبين جواب الحفيد عند دعاة الفُرقة والبغضاء؛ إذ أن دعاء الجد متعلق بأمر دنيوي يتحقق معه الأمن في تلك الأرض، وأما دعاء الحفيد فهو يتعلق بمصير أولئك المجاهدين في الآخرة! هذا مع العلم بأن نفس هذه الصحيفة قد احتوت طعوناً على بني أمية بالعموم. انظر: الصحيفة السجادية الكاملة ص ١٥ - ١٦
(٢) جاء في كتبٍ شيعيةٍ تسميةُ هذه الصحيفة بـ (أخت!) القرآن، و (إنجيل أهل البيت) ، و (زبور آل محمد) ، وقد نُشرت هذه الصحيفة في هذا العصر بطبعات أنيقة تضاهي في شكلها طبعات القرآن الكريم، بل إن لها شروجاً سلكت في أسلوب شرحها للصحيفة طريقة بعض المفسرين، ومن هذا النوع -شرح الصحيفة- للشيخ الشيعي المعروف بالشيخ علي الصغير؛ حيث قال عنه صاحب كتاب -الذريعة-: -وهو شرح مبسوط، يشبه تفسير مجمع البيان في أسلوبه. وانظر: الذريعة للطهراني ١٥/١٨، معالم العلماء لشيخهم بان شهر آشوب ص (١٢٥، ١٣١) .
وقد قال الخميني في كتابه "المكاسب المحرمة ج١، ص ٣٢٠" عن هذه الصحيفة: ((سندها ضعيف)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>