منهم تنزيهًا للرب تبارك وتعالى، وقد كاد ذلك يخفى على أهل القرون الوسطى لقصر هِمَم علماء السنة السلفيين على علوم القرآن والسنة وإعراضهم عن علم الكلام وعلم الفلسفة المبتدع ونظرياته الجدلية الخلابة، حتى ظهر شيخ الإسلام ابن تيمية فنظر بعد الإحاطة بعلوم السنة والنقل المروية والمدونة في الكلام والفلسفة والمنطق وأظهر كثيرًا من فساد نظرياتها وأثبت صحة مذهب السلف من طريق النقل وطريق العقل جميعًا.
والقاعدة في ذلك أن تنزيه الله تعالى عن مشابهة خلقه قد ثبت بدليل العقل والنصوص القطعية من النقل كقوله تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}(الشورى: ١١) وإن السلف يجمعون بين الأمرين: تنزيه الرب سبحانه ووصفه بما وصف به نفسه من الرحمة والمحبة والرضا والغضب وغير ذلك وعدم التحكم في التفرقة بين هذه الصفات وصفات العلم والإرادة والقدرة والسمع والبصر والكلام، فيقولون: إن رحمته تعالى رحمة حقيقية ليست كرحمة البشر كما أن علمه ليس كعلم البشر وسمعه ليس كسمع البشر وبصره ليس كبصر البشر إلخ، وكذلك