للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال قتادة في معنى قوله تعالى: ﴿فُرُطًا﴾: "أضاع أكبر الضيعة، أضاع نفسه، [وغبن] (١) مع ذلك .. تجده حافظًا لماله، مضيعًا لدينه" (٢).

وعن عمر بن الخطاب أنه قال: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزِنوا أنفسكم قبل أن توزنوا؛ فإنه أهون عليكم في الحساب غدًا أن تحُاسِبوا أنفسَكم اليومَ، وَتَزَيّنوا للعرض الأكبر؛ يومئذٍ تُعرَضون لا تخفى منكم خافية" (٣).

ومما نقله ابن الدنيا في محاسبة النفس عن الحسن البصري الأقوال الآتية: "إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه وكانت المحاسبة من همته" (٤).

قال (٥): "المؤمن قوام على نفسه، يحاسب نفسه لله ﷿، وإنما خف الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شق الحساب يوم القيامة على قوم أخذوا هذا الأمر من غير محاسبة، إن المؤمن يفجؤه الشيء ويعجبه، فيقول: والله إني لأشتهيك وإنك لمن حاجتي، ولكن والله ما صلة إليك هيهات، حيل بيني وبينك.

ويفرط منه الشيء فيرجع إلى نفسه فيقول: هيهات .. وما لي ولهذا؟! والله ما أعذر بهذا، والله لا أعود إلى هذا أبدًا إن شاء الله.

إن المؤمنين قوم أوقفهم القرآن وحال بينهم وبين هلكتهم.

إن المؤمن أسير في الدنيا يسعى في فكاك رقبته، لا يأمن شيئًا حتى يلقى الله، يعلم أنه مأخوذ عليه في سمعه، وفي بصره، وفي لسانه، وفي جوارحه، مأخوذ عليه في ذلك كله" (٦).

وهنا أحب أن أختصر كلاماً رائعاً نافعاً لابن القيم وهو يتحدث عن فوائد محاسبة النفس، فيقول: "وفى محاسبة النفس عدة مصالح:


(١) في الأصل: (وعسى)، وفي إغاثة اللهفان (١/ ١٣٢): (وغبن)، وهو الصحيح الذي يستقيم به المعنى، والله أعلم.
(٢) محاسبة النفس لابن أبي الدنيا (٢٥) مع بعض التصرف اليسير.
(٣) الزهد لأحمد بن حنبل (٩٩).
(٤) محاسبة النفس (٢٥).
(٥) أي: الحسن .
(٦) محاسبة النفس (٦٠).

<<  <   >  >>