للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منها: الاطلاع على عيوبها، ومن لم يطلع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته، فإذا اطلع على عيبها مَقَتها في ذات الله.

وقال مُطرِّفٌ في دعائه بعرفة: «اللهم لا تَرُدَّ الناس لأجلي» (١).

وقال أيوب السختياني: «إذا ذُكر الصالحون كنتُ عنهم بمعْزِل» (٢).

وقال يونس بن عبيد: «إني لأجد مئة خصلة من خصال الخير؛ ما أعلم أن في نفسي منها واحدةً» (٣).

وقال محمد بن واسع: «لو كان للذنوب ريح ما قَدَرَ أحد أن يجلس إليّ» (٤).

فالنفس داعية إلى المهالك، مُعينةٌ للأعداء، طامحة إلى كل قبيح، متَّبعة لكل سوء؛ فهي تجري بطبعها في ميدان المخالفة.

فالنعمة التي لا خَطَر لها: الخروج منها، والتخلصُ من رِقِّها، فإنها أعظم حجاب بين العبد وبين الله، وأعرفُ الناس بها أشدُّهم إزراءً عليها، ومقتًا لها.

و مَقْتُ النفس في ذات الله من صفات الصدِّيقين، ويدنو العبد به من الله سبحانه في لحظة واحدة أضعافَ أضعافِ ما يدنو بالعمل.

ذكر ابن أبي الدنيا عن مالك بن دينار، قال: «إن قومًا من بني إسرائيل كانوا في مسجد لهم في يوم عيد، فجاء شاب حتى قام على باب المسجد، فقال: ليس مثلي يدخل معكم، أنا صاحب كذا، أنا صاحب كذا؛ يزري على نفسه، فأوحى الله إلى نبيهم أنّ فلانًا صدِّيق» (٥).

وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن الحسن بن أَتَش، حدثنا منذر، عن وهب: «أن رجلًا سائحًا عبد الله ﷿ سبعين سنة، ثم خرج يومًا، فقلّل عمله، وشكا إلى الله منه، واعترف


(١) محاسبة النفس لابن أبي الدنيا (ص ٧٢).
(٢) محاسبة النفس لابن أبي الدنيا (ص ٧٦).
(٣) محاسبة النفس لابن أبي الدنيا (ص ٨٠).
(٤) محاسبة النفس لابن أبي الدنيا (ص ٨٢).
(٥) محاسبة النفس لابن أبي الدنيا (ص ٧٧).

<<  <   >  >>