للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولا يجوز لمسلم أن يلتزم أدعية راتبة أو مخصصة بأوقات معينة أو بصفات معينة سوى ما ورد من ذلك في سنة الرسول الكريم ، أما الأدعية العارضة التي تحصل من المسلم بسبب أمور قد تعرض له، فله أن يسأل الله ما شاء فيما لا يتنافى مع الشرع.

ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " الأذكار والدعوات من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على الاتباع، وليس لأحد أن يسن منها غير المسنون، ويجعله عادة راتبة يواظب الناس عليها، بل هذا ابتداع دين لم يأذن به الله، بخلاف ما يدعو به المرء أحياناً من غير أن يجعله سنة " (١) اه.

ولهذا نجد أن الصحابة بادروا إلى إنكار تخصيص هيئات معينة للأذكار والأدعية، أو أوقات معينة أو نحو ذلك مما لم يرد به الشرع ولم تثبت به السنة، ومن ذلكم إنكار عبد الله بن مسعود على أولئك النفر الذين تحلقوا في المسجد وفي أيديهم حصى يسبحون بها ويهللون ويكبرون بطريقة محدثة وصفة مبتدعة، لم تكن موجودة على عهد رسول الله ، فبادرهم بالإنكار ونهاهم عن ذلك أشد النهي، وبين لهم خطورة ذلك وسوء مغبته عليهم، روى الإمام الدارمي بإسناد جيد عن عمرو بن سلمة الهمداني قال: " كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ، فَإِذَا خَرَجَ مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ، فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ فَقَالَ: أَخَرَجَ إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ بَعْدُ؟ قُلْنَا: لَا، فَجَلَسَ مَعَنَا حَتَّى خَرَجَ، فَلَمَّا خَرَجَ قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعاً، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفاً أَمْراً أَنْكَرْتُهُ، وَلَمْ أَرَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ إِلَاّ خَيْراً، قَالَ: فَمَا هُوَ؟ فَقَالَ: إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ، قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْماً حِلَقاً جُلُوساً يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ، فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ، وَفي أَيْدِيهِمْ (حَصًى) فَيَقُولُ: كَبِّرُوا مِائَةً، فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً، فَيَقُولُ: هَلِّلُوا مِائَةً، فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً، وَيَقُولُ: سَبِّحُوا مِائَةً فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً، قَالَ: فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ؟ قَالَ: مَا قُلْتُ لَهُمْ


(١) مجموع مؤلفات شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب " ملحق المصنفات)) (ص: ٤٦) في ضمن فوائد عديدة لخصها من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية .
[والذي يظهر أنه منقول بالمعنى من كلام شيخ الإسلام. ينظر: مجموع الفتاوى (٢٢/ ٥١١).]

<<  <   >  >>