للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإذا اعتصمت الأمة بكتاب الله وسنة النبي بفهم الصالح وقام العلماء بنشر العلم ضعف الجهل وانتشرت السنة، وقمعت البدعة وعبد المسلمون ربهم كما يحب ويرضى، فالتزم الناس بالكتاب والسنة في جميع العبادات، ومنها عبادة الذكر والدعاء، ولكن لما بعدت الأمة عن المنبع الصافي وذهبت إلى المنابع المتكدرة، وقل فيها دعاة العلم الشرعي المبني على الكتاب والسنة، وسعى دعاة الضلال في الانحراف بها عن الصراط المستقيم إلى طرق الضلال والبدع، فاخترعوا لها أنواعاً من الأذكار والأدعية والاوراد البدعية حتى تكدر مشربها وسرت فيها تلك الخرافات وانتشرت انتشار النار في الهشيم، وإن القلب ليحزن والعين لتدمع على بعض أمة محمد كيف تركوا الطريق الواضح البين الذي رسمه لها النبي ، وعن الْعِرْبَاض بْنَ سَارِيَةَ، قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللهِ مَوْعِظَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ هَذِهِ لَمَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ قَالَ: " قَدْ تَرَكْتُكُمْ عَلَى الْبَيْضَاءِ لَيْلُهَا كَنَهَارِهَا لَا يَزِيغُ عَنْهَا بَعْدِي إِلَّا هَالِكٌ، وَمَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ، فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِمَا عَرَفْتُمْ مِنْ سُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، وَعَلَيْكُمْ بِالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، فَإِنَّمَا الْمُؤْمِنُ كَالْجَمَلِ الْأَنِفِ حَيْثُمَا انْقِيدَ انْقَادَ" (١).

ومن أسباب انتشار هذه الأذكار البدعية والأدعية المحدثة أن علماء السوء تبنوا ذلك وزينوا للعوام الاستمساك بهذه الأدعية المحدثة والأذكار البدعية واستمات علماء السوء في ترغيب العوام في هذه الأذكار البدعية ورهبوهم من تركها وبسبب جهل الناس وثقتهم في


(١) أخرجه أحمد (٢٨/ ٣٦٧ ط الرسالة) ح (١٧١٤٢)، وابن ماجه (١/ ١٦ ت عبد الباقي) ح (٤٣)، والحاكم - ط العلمية (١/ ١٧٥) ح (٣٣١) وصححه وأقره الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (١/ ١٣٢) ح (٥٩)، وصححه الأرناؤوط في تحقيقه لسنن ابن ماجه (١/ ٢٩ ت الأرنؤوط) ح (٤٣).

<<  <   >  >>