للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ٢٣ وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا﴾ [نوح: ٢٣ - ٢٤]، وعن ابن عباس ، قال: «صَارَتِ الْأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي الْعَرَبِ بَعْدُ، أَمَّا وَدٌّ: كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ، وَأَمَّا سُوَاعٌ: كَانَتْ لِهُذَيْلٍ، وَأَمَّا يَغُوثُ: فَكَانَتْ لِمُرَادٍ، ثُمَّ لِبَنِي غُطَيْفٍ بِالْجَوْفِ عِنْدَ سَبَأٍ، وَأَمَّا يَعُوقُ: فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ، وَأَمَّا نَسْرٌ: فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ، لِآلِ ذِي الْكَلَاعِ، أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ: أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا، فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ، وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ» (١).

وروى ابن جرير بسنده إلى محمد بن قيس قال: " ﴿وَيَعُوقَ وَنَسْرا﴾ [نوح: ٢٣] قال: كانوا قوماً صالحين من بنى آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم، فصوروهم، فلما ماتوا، وجاء آخرون دب إليهم إبليس، فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر فعبدوهم" (٢).

وفي هذا المقام أحب أن أنقل كلاماً متيناً شافياً كافياً في هذه المسألة العظيمة لابن القيم وسأنقله بطوله لأهميته (٣):

"وقال غير واحد من السلف: «كان هؤلاء قومًا صالحين في قوم نوح ، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم، ثم صوّروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمَدُ فعبدوهم» (٤).


(١) أخرجه البخاري (٦/ ١٦٠ ط السلطانية) رقم الأثر (٤٩٢٠).
(٢) تفسير الطبري جامع البيان - ط هجر (٢٣/ ٣٠٣).
(٣) إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان (١/ ٣٣٢ - ٣٤٢ ط عطاءات العلم) واعتمدت على تخريجات هذه الطبعة في الأحاديث والآثار ونسبة الأقوال كسباً للوقت، وجزاهم الله جميعاً خيراً.
(٤) ينظر: الدر المنثور (١٤/ ٧١٣) ط. التركي.

<<  <   >  >>