للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن العلم أفضل أنواع الذكر، كما سبق تقريره، وهو أيضا أفضل أنواع الجهاد.

وخرج الترمذي من حديث أنس، عن النبي قال: "من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع" (١).

انتهى المقصود من كلام ابن رجب نقلته بطوله لأهميته في هذا الباب (٢).

تنبيه مهم: وهنا ننبه على انحراف في بعض من ضل عن الصراط المستقيم، وذلك بكونهم يزهدون في العلم وأهله وينفرون اتباعهم عن الاقبال على العلم الشرعي وطلبه على يد العلماء

وذلك حتى لا ينكشف لاتباعهم ضلال مسلكهم، فإن العلم الشرعي نور ينقذ من سلك طريقه من الجهل والضلال"هذا وإن من عدم معرفة قدر أهل العلم وحفظ مكانتهم الإدعاء بأن علماء الأمة وفقهاء الملة وأهل الحل والعقد فيها لا يفقهون غير علم الحيض والنفاس، مما يترتب على ذلك الحط من شأنهم والتقليل من قدرهم، وصرف الناس عن الإفادة منهم، وهي مقالة فاسدة وكلمة خطيرة، نشأت قديماً عند أرباب البدع وأهل الأهواء، ولكل قوم وارث، وفي الغالب أن أهل هذه المقالة لا يسلم الواحد منهم من أحد توجهين:

- إما توجه صوفي، ينحى بهذه المقالة إلى الحط من قدر العلم والتنقيص من مكانته، ليخلص من ذلك إلى تفضيل العبادة والذكر عليه، وربما استشهد بعض هؤلاء على هذا بما يحكى عن رابعة العدوية أنها أتت ليلة بالقدس تصلي حتى الصباح، وإلى جانبها بيت فيه فقيه يكرر على باب الحيض إلى الصباح، فلما أصبحت رابعة قالت له: يا هذا وصل الواصلون إلى ربهم، وأنت مشتغل بحيض النساء؟ (٣).


(١) ح (٢٦٤٧) لكن الحديث ضعيف عند أهل العلم، والله أعلم.
ينظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (٥/ ٥٥) ح (٢٠٣٧).
(٢) ينظر: ورثة الأنبياء شرح حديث أبي الدرداء (ص ٢١ - ٣٧) مع بعض الاختصار، وقد بذلت الجهد في نسبة الأقوال لأصحابها، وبعضها لم أجده في مظانه فتركته بدون نسبه واكتفيت بذكر ابن رجب له.
(٣) ينظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (١١/ ٣٩٦).

<<  <   >  >>