للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفريق أجازوا كراء الأرض، واحتجوا بحديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من زرع أو ثمر (١).

وقال ابن المنذر: اختلفت ألفاظ أحاديث رافع، واختلفت فيها العلل التي من أجلها نهى عن كراء الأرض وعن المخابرة، فأحد تلك العلل: اشتراطهم أن لرب الأرض ناحية منها. وعلة ثانية: وهى إعطاؤهم الأرض على الثلث والربع والنصف. وعلة ثالثة: وهو أنهم كانوا يكرون بالطعام المسمى والأوسق من الثمر. وعلة رابعة: وهى أن نهيه عن ذلك - صلى الله عليه وسلم - كان لخصومة وقتال كان بينهم. وروى عن عروة بن الزبير، عن زيد بن ثابت قال: "يغفر الله لرافع، أنا والله أعلم بالحديث منه، إنما أتى رجلان من الأنصار قد اقتتلا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن كان هذا شأنكم فلا تكروا المزارع، فسمع قوله: لا تكروا المزارع" (٢).

تبين من كلام ابن المنذر أن المنهي عنه من كراء الأرض فيما إذا اختص صاحب الأرض بجزء منها مما على الجداول وغيرها، فيكون له جُزء وللمُزارع جزء، وهذا مما يحصل فيه الخِصَام الذي ذكره زيد بن ثابت، فقد يهلك المزروع في هذا الجزء، وينمو في ذلك الجزء، أو بالعكس، وقد يُحمل النهي عن كراء الأرض على ما إذا أكريت بشيء مجهول.

أما إذا زارعه على جزء مما يخرج من الأرض عامَّةً دون تقييد بجزء منها، أو مقابل شيء معلوم من الدراهم والدنانير، فجائز.

* * * * *


(١) سبق تخريجه، تحت الحديث رقم ١٤ في بداية المبحث.
(٢) انظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال، ٦/ ٤٨٤، والحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند: من حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه -، رقم (٢١٥٨٨)، ٣٥/ ٤٦٤.

<<  <   >  >>