للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في رسالة سماها "وصل بلاغات الموطأ" وقد استخدم أيضًا "البلاغات" بالمعنى المشار إليه.

ومن المعنى اللغوي للبلاغ واستخداماته عند المُحدِّثين يمكن القول إن البلاغ في مصطلح الحديث يعني: ما يرويه الراوي من أحاديث وآثار بصيغة بلغني عن فلان أو نحوها كذُكر لي أو رُوينا عن فلان، دون ذكر الواسطة بينه وبين قائل هذا الأثر أو فاعله.

ثانيًّا: علاقة البلاغات بالمعضل والمرسل

تعد البلاغات في عرف المُحدِّثين من المُعْضَل، قال ابن الصلاح: "وذكر أبو نصر السِّجْزِيّ (١) الحافظ قول الراوي: "بلغني" نحو قول مالك: بلغني عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: للمملوك طعامه وكسوته .... الحديث (٢)، وقال: أصحاب الحديث يسمونه المعضل" (٣). "والمُعْضَل: ما سقط من إسناده اثنان فأكثر على التوالي" (٤)، "والمعضل من قسم الضَّعِيف" (٥).

والإمام الزُّهْرِيّ من صغار التابعين، وبلاغاته التي رواها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهي فيما أُرى من المرسل، وصورة المرسل عند المُحدِّثين: "أن يقول التابعيّ -سواء كانَ كبيرًا


(١) الإمام العالم الحافظ المُجَوِّد شيخ السنّة، أبو نصر، عبيد الله بن سعيد بن حاتم بن أحمد الوَائِلِيّ، البَكْرِيّ، السِّجِسْتَانِيّ، شيخ الحرم، المتوفى في سنة ٤٤٤ هـ (انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء للذهبي] مؤسسة الرسالة، بيروت، ط ٣، ١٤٠٥ هـ[، ١٧/ ٦٥٤).
(٢) الحديث أخرجه الإمام مالك في الموطأ، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي] دار إحياء التراث العربي، بيروت، ١٤٠٦ هـ[، ١/ ٦٤، ونصه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ، وَلاَ يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلاَّ مَا يُطِيقُ".
(٣) ابن الصلاح، أنواع علوم الحديث (المعروف بمقدمة ابن الصلاح)] دار الفكر، بيروت، د. ط.، ١٤٠٦ هـ[، ص ٦٠.
(٤) السَّخاوي، التوضيح الأبهر لتذكرة ابن الملقن في علم الأثر] مكتبة أضواء السلف، ط ١، ١٤١٨ هـ[، ص ٤٤.
(٥) ابن جماعة، المنهل الروي في مختصر علوم الحديث النبوي، تحقيق: د. محيي الدين عبد الرحمن رمضان] دار الفكر، دمشق، ط ٢، ١٤٠٦ هـ[، ص ٤٧.

<<  <   >  >>