للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مُدلسًا" (١)، قلت: وعبد الرَّحْمَن بن كَعْب، من كبار التّابعين الثقات، ولم يُعرف عنه التّدليس؛ فعنعنته مقبولة، "لأنّ التَّابِعيّ إذا كان سالمًا من التَّدليْس، حُمِلَت عَنْعَنَتُه على السَّماع" (٢).

* * * * *

٤٧ - أخرج أبو داود في سننه، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيّ، حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ مُزَيْنَةَ، ح وحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ: سَمِعْتُ رَجُلًا، مِنْ مُزَيْنَةَ مِمَّنْ يَتَّبِعُ الْعِلْمَ، وَيَعِيهِ، ثُمَّ اتَّفَقَا وَنَحْنُ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، ، فَحَدَّثَنَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - وَهَذَا حَدِيثُ مَعْمَرٍ وَهُوَ أَتَمُّ - قَالَ: زَنَى رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ وَامْرَأَةٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: اذْهَبُوا بِنَا إِلَى هَذَا النَّبِيِّ، فَإِنَّهُ نَبِيٌّ بُعِثَ بِالتَّخْفِيفِ، فَإِنْ أَفْتَانَا بِفُتْيَا دُونَ الرَّجْمِ قَبِلْنَاهَا، وَاحْتَجَجْنَا بِهَا عِنْدَ اللَّهِ، قُلْنَا: فُتْيَا نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَائِكَ، قَالَ: فَأَتَوُا النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ جَالِسٌ فِي الْمَسْجِدِ فِي أَصْحَابِهِ، فَقَالُوا: يَا أَبَا الْقَاسِمِ، مَا تَرَى فِي رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا؟ فَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ كَلِمَةً حَتَّى أَتَى بَيْتَ مِدْرَاسِهِمْ، فَقَامَ عَلَى الْبَابِ، فَقَالَ: «أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أَحْصَنَ؟ » قَالُوا: يُحَمَّمُ، وَيُجَبَّهُ، وَيُجْلَدُ، وَالتَّجْبِيهُ: أَنْ يُحْمَلَ الزَّانِيَانِ عَلَى حِمَارٍ، وَتُقَابَلُ أَقْفِيَتُهُمَا، وَيُطَافُ بِهِمَا، قَالَ: وَسَكَتَ شَابٌّ مِنْهُمْ، فَلَمَّا رَآهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَكَتَ، أَلَظَّ بِهِ النِّشْدَةَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِذْ نَشَدْتَنَا، فَإِنَّا نَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ الرَّجْمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلم: «فَمَا أَوَّلُ مَا ارْتَخَصْتُمْ أَمْرَ اللَّهِ؟ » قَالَ: زَنَى ذُو قَرَابَةٍ مِنْ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِنَا، فَأَخَّرَ عَنْهُ الرَّجْمَ، ثُمَّ زَنَى رَجُلٌ فِي أُسْرَةٍ مِنَ النَّاسِ، فَأَرَادَ رَجْمَهُ، فَحَالَ قَوْمُهُ دُونَهُ، وَقَالُوا: لَا يُرْجَمُ صَاحِبُنَا حَتَّى تَجِيءَ بِصَاحِبِكَ فَتَرْجُمَهُ، فَاصْطَلَحُوا عَلَى هَذِهِ الْعُقُوبَةِ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «فَإِنِّي أَحْكُمُ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ» فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا (٣).


(١) البقاعي، النكت الوفية بما في شرح الألفية، ١/ ٣٨٨.
(٢) السخاوي، فتح المغيث بشرح الفية الحديث للعراقي، ١/ ١٩٢.
(٣) أبو داود، سنن أبي داود: كتاب الحدود، باب في رجم اليهوديين، رقم (٤٤٥٠)، ٤/ ١٥٥.

<<  <   >  >>