للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ الزُّبَيْرَ، كَانَ يُحَدِّثُ: أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي شِرَاجٍ مِنَ الحَرَّةِ، كَانَا يَسْقِيَانِ بِهِ كِلاَهُمَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِلْزُّبَيْرِ: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ، ثُمَّ أَرْسِلْ إِلَى جَارِكَ»، فَغَضِبَ الأَنْصَارِيُّ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، آنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ؟ فَتَلَوَّنَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، ثُمَّ قَالَ: «اسْقِ، ثُمَّ احْبِسْ حَتَّى يَبْلُغَ الجَدْرَ»، فَاسْتَوْعَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - حِينَئِذٍ حَقَّهُ لِلْزُّبَيْرِ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ ذَلِكَ أَشَارَ عَلَى الزُّبَيْرِ بِرَأْيٍ سَعَةٍ لَهُ وَلِلْأَنْصَارِيِّ، فَلَمَّا أَحْفَظَ الأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، اسْتَوْعَى لِلْزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الحُكْمِ، قَالَ عُرْوَةُ: قَالَ الزُّبَيْرُ: «وَاللَّهِ مَا أَحْسِبُ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ إِلَّا فِي ذَلِكَ»: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} " (١).

[القدر المدرج]

قوله: فَلَمَّا أَحْفَظَ الأَنْصَارِيُّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، اسْتَوْعَى لِلْزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الحُكْمِ

[ما يثبت به الإدراج]

قال الخطّابيّ (٢): هذه الزيادة -يعني قوله: "فلما أحفظ الخ": يشبه أن تكون من كلام الزُّهْرِيّ، وليس من الحديث (٣)، ولكن ابن حجر علق على كلام الخطابي بقوله: "وَزَعَمَ الْخَطَّابِيّ أنّ هذا من قول الزُّهْرِيّ أدرجه في الخبر" (٤)، وقال أيضاً بعدما أورد كلام الخطابي: "قُلْت لكن الْأَصْل في الحديث أن يكون حكمه كُلُّه واحدًا حتَّى يَرِد ما يُبَيِّن ذلك ولا يَثْبُت الإدراج بالاحتمال" (٥).

قلت: ولكن ابن حجر يقول بالإدراج لمجرد الاحتمال، فهو القائل: "ويختلج في


(١) البخاري، الجامع المسند الصحيح: كتاب الصلح، باب إذا أشار الإمام بالصلح فأبى، حكم عليه بالحكم البين، رقم (٢٧٠٨)، ٣/ ١٨٧، والآية من سورة النساء، آية ٦٥.
(٢) هو: سُلَيْمَان بن حَمْد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيْم بن خَطَّاب البُسْتِيّ، الخَطَّابِيّ، صَاحِب التَّصَانِيْف، وُلِد: سنة بِضع عشرة وثلاث مائَة، وتُوُفِّيَ سنة ثَمَانٍ وَثَمَانِيْن وثلاث مائَة (انظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء للذهبي، ١٧/ ٢٣).
(٣) بدر الدين العيني، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ١٣/ ٢٨٧.
(٤) ابن حجر، فتح الباري شرح صحيح البخاري، ٥/ ٣١٠.
(٥) المصدر نفسه، ٥/ ٣٨.

<<  <   >  >>