للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَشُجَّ فِي رَأْسِهِ، فَجَعَلَ يَسْلُتُ الدَّمَ عَنْهُ، وَيَقُولُ: «كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ؟ »، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} (١).

وقد جمع ابن حجر والطحاوي بين الآثار الواردة في ذلك، قال ابن حجر: ويحتمل أن يقال إن قصتهم (أي: لِحْيَان، وَرِعْلًا، وَذَكْوَان، وَعُصَيَّة) كانت عقب ذلك (أي: عقب قصة أحد) وتأخر نزول الآية عن سببها قليلًا، ثم نزلت في جميع ذلك، والله أعلم (٢).

وقال الطحاوي: واحتمل أن يكون نزلت قرآنا لواحد من السببين المذكورين في هذه الآثار، والله أعلم بذلك السبب أيهما هو, ثم أُنزلت بعد ذلك للسبب الآخر، لا على أنها قرآن لاحق لما نزل فيه من القرآن, ولكن على إعلام الله تعالى نبيه عليه السلام بها أنه ليس له من الأمر شيء, وأن الأمور إلى الله تعالى وحده يتوب على من يشاء، ويعذب من يشاء، ولم نجد من الاحتمالات لما في هذه الآثار أحسن من هذا الاحتمال فهو أولاها عندنا بما قيل في احتمال نزول الآية المتلوة فيها بها (٣).

* * * * *

٩ - أخرج مسلم في صحيحه، قال: وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى حَرْفٍ، فَرَاجَعْتُهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ فَيَزِيدُنِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ» قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: «بَلَغَنِي أَنَّ تِلْكَ السَّبْعَةَ الْأَحْرُفَ إِنَّمَا هِيَ فِي الْأَمْرِ الَّذِي يَكُونُ وَاحِدًا، لَا يَخْتَلِفُ فِي حَلَالٍ وَلَا حَرَامٍ» (٤).


(١) سورة آل عمران، آية: ١٢٨.
(٢) انظر: فتح الباري لابن حجر، ٨/ ٢٢٧.
(٣) الطحاوي، شرح مشكل الآثار، ٢/ ٤٢.
(٤) مسلم، المسند الصحيح المختصر: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب بيان أن القرآن على سبعة أحرف وبيان معناه، رقم (٨١٩)، ١/ ٥٦١.

<<  <   >  >>