للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - تفسير بعض الألفاظ الغريبة في الحديث النبوي.

ومثاله حديث عائشة في بَدْء الوحي: «كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَحَنَّثُ فِي غَارِ حِرَاءَ - وهو التَّعَبُّد - اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ» (١)، فقوله: وهو التَّعَبُّد، مُدْرَج من قول الزُّهْرِيّ (٢).

٣ - وقد يكون الإدراج نتيجة لوَهْم (٣) الراوي وخطئه.

ومثاله ما أخرجه البيهقي (٤) من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، قال: ثنا قُرَّة بن خالد، ثنا مُحَمَّد بن سِيرِين، عن أبي هُرَيْرَة، قال: قال رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: "طَهُورُ الْإِنَاءِ إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِيهِ أَنْ يُغْسَلَ سَبْعَ مَرَّاتٍ، الْأُولَى بِالتُّرَابِ، وَالْهِرَّةُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ" قُرَّة يَشُكّ.

قال البيهقي (٥): "وأبو عاصم الضحاك بن مخلد ثقة إلا أنه أخطأ (٦) في إدراج قول أبي هريرة في الهرّة في الحديث المرفوع في الكلب، وقد رواه علي بن نصر الجَهْضَمِيّ، عن قرة فبينه بيانًا شافيًا"، وقال أيضًا في معرفة السنن والآثار (٧): "وأما حديث محمد بن سيرين، عن أبي هريرة: «إذا ولغ الهرّ غسل مرة» فقد أدرجه بعض الرواة في حديثه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ولوغ الكلب ووهموا فيه، الصحيح أنه في ولوغ الكلب مرفوع، وفي ولوغ الهر موقوف، ميزه علي بن نصر الجَهْضَمِيّ، عن قرة بن خالد، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة، ووافقه عليه جماعة من الثقات".


(١) البخاري، الجامع المسند الصحيح: كتاب التّعبير، باب أوَّل مَا بُدِئَ به رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرُّؤيا الصَّالِحَة، رقم (٦٩٨٢)، ٩/ ٢٩.
(٢) السيوطي، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، ١/ ٣١٨.
(٣) الوَهْم بسكون الهاء: وهم القَلْب، والجمع: أوهامٌ .. وتوهّمت في كذا، وأَوْهَمْتَه، أي: أغفلته، ووَهِم يَوْهَمُ وهمًا، أي: غلط، ووهمت، إذا ذهب قلبك إلى شيء وأنت تريد غيره، ومعنى هذا أنك تريد الصواب فتسلك مسلكًا غيره وأنت لم تقصده (انظر: معجم مقاييس اللغة لابن فارس، ١/ ٣٠١).
(٤) البيهقي، السنن الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا] دار الكتب العلمية، بيروت، ط ٣، ١٤٢٤ هـ[، كتاب الطهارة، باب سُؤْر الهِرَّة، رقم (١١٦٨)، ١/ ٩٣٩.
(٥) المصدر نفسه، الصفحة نفسها.
(٦) استخدم بعض المحدّثين الوهم بمعنى الخطأ والعكس، فعبروا عن الوهم بلفظ الخطأ، وعبروا عن الخطأ بلفظ الوهم، يتبين ذلك من المثال السابق.
(٧) البيهقي، معرفة السنن والآثار، تحقيق: عبد المعطي أمين قلعجي] جامعة الدراسات الإسلامية، باكستان، ط ١، ١٤١٢ هـ[، ٢/ ٦٩.

<<  <   >  >>