للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن سخائه أنه كان يطعم طلابه، ويزجر من لا يأكل منهم، "قال الْمُوَقَّرِيّ: كنا نختلف إلى الزُّهْرِيّ سبعة أشهر فقال لنا من لم يأكل طعامنا فلا يقربنا" (١).

وقد استدان الزُّهْرِيّ وتحمل كثيرًا من الديون نظرًا لكثرة إنفاقه وعطاياه حتى عوتب في ذلك، قال مالك بن أنس: "كان ابن شهاب من أسخى الناس فلما أصاب تلك الأموال قال له مولى له وهو يعظه قد رأيت ما مر عليك من الضيق والشدة، فانظر كيف تكون وأمسك عليك مالك، فقال له ابن شهاب: ويحك إني لم أر الكريم تحكمه التجارب" (٢).

وقد روى من ترجم للإمام الزُّهْرِيّ العديد من الروايات التي تدل على كرمه وحبه للعطاء، حتى أنه ترك دينًا كبيرًا بعد موته؛ فبيعت شغب (٣)، فقضى دينه (٤).

• ومن زهده في الدنيا وعدم حبه جمع المال:

كثرة إنفاقه وبذله في وجوه الخير حتى أنه كان يستدين لينفق على طلاب العلم وعلى غيرهم، ولم يكتنز مالًا أو يدخر شيئًا حتى أنه ترك دينًا كبيرًا بعد موته، قال عمرو بن دينار: ما رأيت الدينار والدرهم عند أحد أهون منه عند الزُّهْرِيّ، كأنها بمنزلة البَعْر (٥).

رابعًا: وفاته

مات الإمام الزُّهْرِيّ لسبع عشرة خلت من رمضان سنة أربع وعشرين ومائة.

وقيل سنة ثلاث وعشرين، وقيل: سنة خمس وعشرين، والراجح أنه توفى سنة أربع وعشرين، وله من العمر ما يربو على نيف وسبعين سنة.


(١) الذهبي، تاريخ الإسلام، ٣/ ٥٠٥.
(٢) ابن عساكر، تاريخ دمشق، ٥٥/ ٣٧٧.
(٣) شغب: ضيعة للزُّهريّ خلف وادي القرى (انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي] دار صادر، بيروت، ط ٢، ١٩٩٥ م [، ٣/ ٣٥٢).
(٤) انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، ٥/ ٣٤٢.
(٥) الذهبي، تاريخ الإسلام، ٣/ ٥٠١، والبَعْر: رَجِيع الخُف والظِّلف من الإِبل والشَّياه وَبَقْر الْوَحْش وَالظِّبَاء، (انظر: لسان العرب لابن منظور، مادة (بعر)).

<<  <   >  >>