للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أحدهما: تدليس الإسناد، وهو أن يروي عمَّن لقيه ما لم يسمع منه، موهمًا أنَّه سمعه منه، أو عمَّن عاصره ولم يلقه موهمًا أنَّه قد لقيه وسمعه منه، ثم قد يكون بينهما واحد وقد يكون أكثر، ولا يقول في ذلك: (أخبرنا فلان) ولا (حدثنا) وما أشبههما، وإنما يقول: (قال فلان أو عن فلان) ونحو ذلك.

القسم الثاني: تدليس الشيوخ، وهو: أن يروي عن شيخ حديثًا سمعه منه، فيسميه أو يكنيه، أو ينسبه، أو يصفه بما لا يعرف به، كي لا يعرف.

وهناك قسم ثالث ذكره برهان الدين الأبناسي في شرحه لمقدمة ابن الصلاح وهو: تدليس التسوية، وهو: أن يسمع المدلس حديثًا من شيخ ثقة، والثقة سمعه من شيخ ضعيف، وذلك الضعيف يرويه عن ثقة، فيسقط المدلس شيخ شيخه الضعيف ويجعله من رواية شيخه الثقة عن الثقة الثاني: بلفظ محتمل كالعنعنة ونحوها فيصير الإسناد كله ثقات ويصرح هو بالاتصال بينه وبين شيخه لأنه قد سمعه منه؛ فلا يظهر حينئذ في الإسناد ما يقتضي عدم قبوله إلا لأهل النقد والمعرفة بالعلل (١).

وقد وُصف الزُّهْرِيّ بالتدليس، وصفه بذلك الشافعي والدَّارَقُطْنِيّ وغير واحد كما قال ابن حجر (٢).

ولهذا عده ابن حجر في المرتبة الثالثة من مراتب المدلسين، وهم: ممن أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، ومنهم من رد حديثهم مطلقًا، ومنهم من قبلهم (٣).


(١) انظر: المصدر نفسه، الصفحة نفسها.
(٢) انظر: تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس لابن حجر، تحقيق: د. عاصم بن عبد الله القريوتي] مكتبه المنار، عمان، ط ١، ١٤٠٣ هـ[، ص ٤٥.
(٣) انظر: المصدر نفسه، ص ١٣.

<<  <   >  >>