للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مما ليس فيه التصريح بالسماع (١)، والحافظ ابن حجر نفسه وصف الزُّهْرِيّ بقلة التدليس (٢)، فالأولى أن يكون في المرتبة الثانية وليست الثالثة.

أما الإمام الذهبي فقال: "محمد بن مسلم الزُّهْرِيّ الحافظ الحجة كان يدلس في النادر" (٣)، وما ذكره العلائي وسبط ابن العجمي من اشتهار الزُّهْرِيّ بالتدليس ففيه نظر، حيث إن الزُّهْرِيّ لم يكن كثير التدليس حتى يشتهر به.

ولم أجد فيمن وصف الزُّهْرِيّ بالتدليس من ذكر نوع التدليس الذي كان يفعله، والذي يظهر أنهم أرادوا الإرسال لا التدليس بمعناه الخاص عند المتأخرين، أو أنهم أرادوا مطلق الوصف بالتدليس غير القادح، بمعنى أنه قد وقع منه أحيانًا؛ لأن التدليس بمعناه الخاص منه قليل جدًا بالمقارنة إلى مجموع رواياته، ولم يتردد أحد من الأئمة في قبول روايته مطلقًا، بل هو أحد أعمدة الحديث النبوي (٤).

"وقد حصر الأئمة ما رواه عمن سمع منه ما لم يسمع منه (٥)، وهو من أهل المدينة والتدليس لا يعرف في المدينة" (٦)، حيث إنّ أهل الحجاز والحرمين، ومصر وَالعوالي، ليس التَّدْلِيس من مَذْهَبِهِم (٧).


(١) انظر على سبيل المثال لا الحصر: صحيح البخاري: الحديث رقم (٧٧، ٧٨) كتاب العلم، باب متى يَصِحُّ سماع الصَّغير؟ ، والحديث رقم (١١٥) كتاب العلم، باب العلم والعظة باللّيل، والحديث رقم (١٢٤) كتاب العلم، باب السُّؤَال وَالفُتْيَا عند رمي الجِمَار، وانظر أيضًا في صحيح مسلم: الحديث رقم (٣٦) كتاب الإيمان، باب شعب الإيمان، والحديث رقم (١٧٠) كتاب الإيمان، باب ذكر الْمَسِيح ابن مَرْيَم، وَالْمَسِيح الدَّجَّال، والحديث رقم (٢٥٧) كتاب الطهارة، باب خصال الفطرة.
(٢) انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر، ١٠/ ٤٢٧، تحت حديث رقم (٥٩٩٥).
(٣) انظر: ميزان الاعتدال في نقد الرجال للذهبي] دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، ط ١، ١٣٨٢ هـ[، ٤/ ٤٠.
(٤) انظر: منهج المتقدمين في التدليس لناصر بن حمد الفهد] أضواء السلف، الرياض، ط ١، ١٤٢٢ هـ[، ص ٨٥.
(٥) انظر: جامع التحصيل للعلائي، ص ٢٦٩.
(٦) ناصر بن حمد الفهد، منهج المتقدمين في التدليس، ص ٨٥.
(٧) انظر: معرفة علوم الحديث للحاكم، ص ١١١.

<<  <   >  >>