للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾ [التحريم: ٥]، أو للإشارة إلى تعظيم عائشة وتمييزها بهذه الفضيلة وحدَها دونهن، لئلا تُشارك فيها، فكأنها في كِفّة وهنَّ في كفة أخرى.

الثانية: أنَّها خُيِّرَتْ، واختارت الله ورسوله على الفور، وكُنَّ تبعًا لها في ذلك (١).

الثالثة: أنها حيثُ خُيِّرَتْ كان خيارُها على التراخي بلا خلاف، وأما الخلافُ في جوابهن: هل كان مشروطًا بالفور أم لا؟ ففي غيرها، هكذا قاله القاضي أبو الطيب الطبري (٢) في تعليقه، فإنه حكى الخلاف، وصحَّحَ الفورية، ثم قال: "والخلافُ في التخيير المطلق، فأما إذا قال لها: "اختاري أيَّ وقتٍ شئتِ، كان على التراخي بالإجماع. قال:


(١) حديث التخيير أخرجه البخاري في تفسير سورة الأحزاب: باب قوله: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا﴾ (٤٧٨٥) ومسلم في الطلاق: باب بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقًا إلا بالنية (٣٦٨١) عن عائشة قالت: لما أُمر رسول الله بتخيير أزواجه بدأ بي فقال: إني ذاكر لكِ أمرًا فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك. قالت: قد علم أن أبوي لم يكونا ليأمراني بفراقه قالت: ثم قال: إن الله [﷿] قال: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [الأحزاب: ٢٨، ٢٩] قالت قلت: في أي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة. قالت: ثم فعل أزواج رسول الله مثل ما فعلت.
(٢) هو الإمام العلامة، شيخ الإسلام، القاضي أبو الطيب، طاهر بن عبد الله بن طاهر بن عمر، الطبري الشافعي، فقيه بغداد المتوفى سنة ٤٥٠ هـ. شرح "مُختصر" المُزَني، وصنّف في الخلاف والمذهب والأصول والجدل كتبًا كثيرة. انظر لترجمته في "السير ١٧/ (٤٥٩) للذهبي.