للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا وأنا مشدودٌ عليَّ ثيابي حياءً مِن عمر" وقال [صحيح] على شرط الشيخين ولم يُخرجاه.

قال شيخنا الحافظ عمادُ الدين بن كثير: ووجه هذا ما قاله شيخنا الإمام أبو حجاج المِزي: "أن الشهداءَ كالأحياءِ في قبورهم وهؤلاء (١) أرفعُ درجةً منهم" (٢).

قال شيخنا: وأيضًا فإن حجابَهن كثيفٌ غليظ . فإن قيل: فقد روى الترمذي (٣) عنها قالت: "قلتُ للنبي حسبُك من صفيةَ كذا وكذا" قال بعض الرواة يعني قصيرة فقال لها النبي : "لقد قلتِ كلمة لو مُزِجَتْ بِماء البحرِ لمزجته" قال الترمذي حسن صحيح أي خلطته مخالطة (٤) يتغير بها طعمُه أو ريحُه لشدة نتنها.

فالجواب إنما صدر هذا القول عن عائشةَ مَعَ وفورِ فضلها، وكمالِ عقلها، لفرط الغيرة الغريزية التي جُبِلَتْ عليها القلوبُ البشرية. وقد حكى القاضي عياض في "الإكمال" عن مالك وغيره: أن المرأة إذا رَمَتْ


(١) وقع في النسخة المطبوعة: وهذه، وهو تحريف، والصحيح ما أثبتناه من (أ) و (ب).
(٢) وقع في النسخة المطبوعة: فيهم وهو خطأ. والصحيح: منهم كما ثبت في (أ) و (ب).
(٣) أخرجه الترمذي في صفة القيامة باب حديث: لو مزج بها ماء البحر (٢٥٠٢) عن عائشة قالت حكيت للنبي رجلًا فقال: ما يسرني أني حكيت رجلًا وأنّ لي كذا وكذا قالت: فقلت: يا رسول الله إن صفية امرأة وقالت بيدها هكذا كأنها تعني قصيرتها فقال: لقد مزجت بكلمة لو مزج بها ماء البحر لمُزِجَ.
وقد أخرج هذا الحديث بلفظ قريب من لفظ المؤلف أبو داود في الأدب باب في الغيبة (٤٨٧٥) عن عائشة قالت: قلت للنبي : حسبك من صفية كذا وكذا قال غير مُسَدَّد: تعني قصيرة - فقال: لقد قلتِ كلمةً لو مُزِجَ بها البحرُ لمزجَتْهُ.
(٤) قال سعيد الأفغاني في الهامش: كلمتان أو ثلاث كلمات لم تحل. والكلمتان واضحتان في كل من (أ) و (ب) وهما: خلطته مخالطة.