للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

زوجَها بالفاحشة على جهة الغَيرة لا يجب عليها الحدُّ. قال: واحتج لذلك بقوله : "وما تدري الغيراءُ أعلى الوادي من أسفله" (١).

وقد روى البخاري (٢) في مناقب عمر أنه أرسل في مرض موته ابنه عبد الله إلى عائشة: "أن عمر يُقرئك السلامَ، ويستأذنك أن يُدفن مع صاحبيه" فقالت عائشة: "لقد كنتُ أردتُه لنفسي ولأوثرنَّه اليومَ على نفسي". وقد استشكل ذلك بأن الإيثار بالقبر من خلاف (٣) شِيَم الصالحين كمن يؤثر بالصف الأول لغيره (٤) ويتأخر هو. وأجاب بعضُهم بأن الميت


(١) أخرجه نحوه أبو يعلى في مسنده ٨/ (٤٦٧٠) مع قصة لطيفة جرت بين عائشة وصفية وبين رسول الله فقال: إن الغيرى لا تبصر الوادي من أعلاه. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ٤/ ٣٢٢ عن مسند أبي يعلى.
وعن عائشة أنها قالت: وكان متاعي فيه خف وكان على جمل ناج وكان متاع صفية فيه ثقل وكان على جمل ثفال بطيء يبطئ بالركب فقال رسول الله حولوا متاع عائشة على جمل صفية وحولوا متاع صفية على جمل عائشة حتى يمضي الركب قالت عائشة فلما رأيت ذلك قلت يا لَعباد الله غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله قالت: فقال رسول الله يا أمَّ عبد الله إن متاعك كان فيه خف وكان متاع صفية فيه ثقل فأبطأ بالركب فحولنا متاعها على بعيرك وحولنا متاعك على بعيرها قالت: فقلت: ألست تزعم أنك رسول الله قال: فتبسم فقال: أو في شك أنت يا أم عبد الله؟ قالت: قلت: ألست تزعم أنك رسول الله فهلا عدلت؟ وسمعني أبو بكر وكان فيه غرب أي حدة فأقبل عليّ ولطم وجهي فقال رسول الله مهلًا يا أبا بكر فقال: يا رسول الله أما سمعت ما قالت؟ فقال رسول الله : "إن الغيرى لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه".
(٢) أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان (٣٧٠٠) وفي الجنائز باب موت الفجأة البغتة (١٣٩٢) ولفظها: كنت أريدها لنفسي فلأوثرنه اليوم على نفسي، قال ابن حجر في "الفتح" ٣/ (١٣٩٢): وفيه الحرص على مجاورة الصالحين في القبور طمعًا في إصابة الرحمة إذا نزلت عليهم وفي دعاء من يزورهم من أهل الخير.
(٣) في (ب): بخلاف.
(٤) سقطت كلمة "لغيره" في النسخة المطبوعة، أثبتناه من (أ) و (ب).