للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول الله بالَ قائمًا مِن جرح كان بمَأْبِضِه (١) وقال: رواتُه ثقات. وحكى الخطابي (٢) عن الشافعي أنه قال: كانت العرب تستشفي لوجع الصلب بالبول قائمًا، فيرى (٣) أنه كان به إذ ذاك وجعُ الصُّلْب.

والحملُ على هذا متعين لأجل (٤) الجمع بينَ الروايتين. وأما رواية ابن ماجه: "من حدثك أن رسول الله بال، قائمًا فلا تصدقه". ففيها مخالفة، فإن كانت محفوظة، فمحمولة على تلك، لأن مخرجهما واحد، والمعنى الإخبار عن الحالة المستمرة، ولم تطلع على ما اطلع عليه حذيفة، ولهذا علقت مستندَ إنكارها برؤيتها حيث قال: "أنا رأيته يبولُ قاعدًا".

وأيضًا القاعدة الأُصولية تقضي لِحديث حذيفة من حيث إنه مُثبت، فيُقدَّمُ على مَنْ روى النفيَ؛ ويدل عَلَى حمل الحديث على حالٍ ما روى سفيانُ الثوري عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة قالت: "ما بالَ رسولُ الله قائمًا منذ أُنزل عليه القرآن" أخرجه الحاكم (٥) ثم أخرجه عن إسرائيل عن المقدام به بلفظ "سمعت عائشة تُقسم بالله: ما رأى أحد رسول الله يبول قائمًا منذ أنزل عليه القرآن" وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.


(١) قال ابن الأثير في "النهاية" ١/ ١٥: فيه أن النبي بال قائمًا لعلة بمَأْبِضَيْه" المأبِضُ: باطن الركبة هاهنا، وهو من الإباض الحبل الذي يشد به رسغ البعير إلى عضده. والمابض مَفْعِلٌ منه: أي موضع الإباض، والعرب تقول: إن البول قائمًا يشفى من تلك العلة.
(٢) في "معالم السنن" ١/ ١٨ ولفظه كما يلي: وحدثونا عن الشافعي أنه قال: كانت العرب تستشفى لوجع الصلب بالبول قائمًا فنرى أنه لعلة كان به إذ ذاك وجع الصلب والله أعلم.
(٣) في (ب): فنرى.
(٤) وقع في المطبوعة: لا على وهو تحريف، أثبتناه من (أ) و (ب).
(٥) في "المستدرك" ١/ ١٨٥.