للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: فما الانفصال عن قول من تمسك بالعادة المقتضية للإشاعة في تكذيب المنفرد بالنقل، جريا على أحكام الاعتياد؟ قلنا: عنه جوابان:

أحدهما - أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر تلك القراءة لعدد التواتر، لكونه لم يتعبد بذلك، وإذا لم يطلع عدد التواتر على ذلك، استحال أن يصير الأمر يتواتر بعد ذلك، فبقي على نقل الآحاد.

الثاني - أن يكون لما أجمع الصحابة على المصحف، وأضربوا عما وراءه، لما فهموه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لم تتشوف النفوس إلى إدامة النقل، لامتناع تلقي الحكم ومنع التلاوة. وقد كنا قد بينا أن التلقي إنما يدوم على تقدير دوام [هذه] الحاجة، وهذا الطريق.

ننقل الآن آيات منسوخة يذكر رواتها أنها كانت قرآنا، ولم تتواتر الآن إلينا، ولم نكذب النقلة، لانصراف الهمم عن النقل بعد ورود النسخ.

منها: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله).

وكذلك: (لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثا، ولا يملأ جوف (١٥٧/ب) ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب).

وقول عائشة رضي الله عنها: (كان فيما أنزل: (عشر رضعات محرمات)، فنسخن بخمس، فمات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك مما يتلى). وكل هذا لم يتواتر،

<<  <  ج: ص:  >  >>