ولم يكذب النقلة فيه، لانصراف النفوس عن استدامة النقل، لأجل ورود النسخ، فيكون الانكفاف عن نقل القراءة الشاذة تواترا، إجماع الصحابة على الإضراب عنها.
فإن قيل: فما قولكم في جواز القراءة بها، وتلقي الأحكام منها؟ قلنا: الصواب منع ذلك، والدليل عليه: إضراب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، وهم متوافرون من غير إبداء نكير.
فإن قيل: فهل تقطعون بذلك أم تظنونه؟ قلنا: الصحيح عندنا أن ذلك مظنون غير بالغ مبلغ القطع.
فإن قيل: فالإجماع حجة قاطعة، فكيف يكون الحكم مظنونا؟ قلنا: لم يتحقق إجماع الجميع، إذ ابن مسعود قد خالف في القضية وقال:(يا أهل الكوفة غلوا مصاحفكم، ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة). وإجماع الأكثر ليس بحجة عند المحققين.
فإن قيل: فما مستند الظن، وقد خرج الإجماع من أيديكم، فهذا ظن بلا مستند؟ قلنا: لما شبب ابن مسعود بنكير، أدبه الخليفة الأدب الشديد بمشهد