التعليل بغير علة الصحابة. ومن جوزه، لم يمنع. إذ لا يلزم من إظهار علة أخرى نسبة الأولين إلى الغلط في شيء، اللهم إلا أن يقولوا: ليس لهذا الحكم إلا علة واحدة. فلا يجوز حينئذ إحداث علة أخرى، لأن الأمة اجتمعت على نفيها. وهذه الصورة هي التي تشبه ما نحن فيه، لأنا [قدرنا لو] أنهم أجمعوا على نفي الثالث.
وتمسكوا أيضا: بأنه لو ذهب بعض الصحابة إلى أن اللمس والمس ينقضان الوضوء، وبعضهم إلى أنهما لا ينقضان الوضوء، ولم يفرق واحد [بينهما]. فلو قال [تابعي]: ينقض أحدهما، ولا ينقض الآخر، فهذا جائز، وإن كان قولا ثالثا، ولم يمنع، فلا يمتنع إحداث قول ثالث.
والجواب عن هذا: أنه في كل مسألة وافق قولا متقدما، ولا يترتب حكم مسألة على أخرى، فهو إذا قال: اللمس ينقض، فقد وافق، وإن قال: اللمس لا ينقض، فقد وافق، فلم يحدث [قولا] آخر بحال، اللهم إلا أن تكون الأمة قد قالت: حكم المس واللمس عندنا بحيث لا يفترقان في الحكم على حال، فتكون حينئذ التسوية مقصودة، فلا يكون الفرق مسوغا. وهذا تطير ما نحن فيه، لأنا حققنا أن القوم اجتمعوا على نفي الثالث. فالذاهب إليه لا يجد أحدًا يساعده عليه. وكذلك إذا اتفقوا على التسوية بينهما، كان المفرق خارقا للإجماع.