وجب الاعتماد على ذلك، ولم يكن الاحتمال مانعًا بحال. وهذا كلام الأصوليين في الجواب عن هذا السؤال. وإنما نشأ ذلك كله من قولهم: النص على التعليل لا يقتضي في وضع اللغة تعميمًا، فكيف إذا كانت العلة مستنبطة؟ أم كيف يفرق بين كلام الشارع وكلام غيره، ومنهاج الفهم واحد؟ والجواب الصحيح عندنا في ذلك أن نبين الوجه الذي فيه يدل القياس.
فنقول والله المستعان: قد تقدم لنا قبل هذا أن الألفاظ بالإضافة إلى وضع اللغة، تدل تارة من جهة الصيغة والمنظوم، ونعني به وجدان [العبارة] المطابقة للمدلول، وهي واضحة مستغنية عن التمثيل. وقد تدل من جهة المفهوم، على ما سبق تقريره وتصويره. ونحن وإن كنا لا نقول بالمفهوم، فليس [نعمم] الرد، [لأنا قد بينا أن نقول ببعض الصور. وليس المراد ههنا دليل القبول والرد]، وإنما المراد التصوير، ومعنى المفهوم عند الأصوليين: أن يكون واضع اللغة قد قرر التلازم بين أمرين أو أمور تقترن في القيام بالنفس، إما على جهة [مخالفة]، أو على جهة [موافقة]، إما على وجه مقطوع به، أو على وجه مظنون. [ثم أنه] قد يعبر عنهما جميعًا، كما تقول: في السائمة الزكاة، ولا زكاة في المعلوفة. وقد (٦/أ) يستغنى بالتعبير