ومنها ما يباح فيه الإقدام، ومنها ما يندب فيه إلى الإقدام، وقد يندب إلى الترك.
أما القسم الأول: الذي لا يبيحه الاضطرار بحال، فهو قتل النفس المحترمة، التي لا يجوز إتلافها بحال. فليس للإنسان أن يقتل غيره لإحياء نفسه، لاستواء المفسدة في ذلك، مع أن الآخر لم [يجز] حياته. فأوجب الشرع في مثل هذه الصورة الانقياد للهلكة من غير خلاف. وأبو حنيفة- وإن أسقط القصاص عن المكره- فإنه يعترف بوجوب الانكفاف عليه.
وأما الإكراه على الزنا، ففيه خلاف، والصحيح أنه لا يباح الإقدام [عليه]، وقد علل بأن الإكراه لا يتصور فيه، وذلك أنهم قالوا: لولا الشهوة الداعية لم يكن الفعل. وهذا التعليل غير صحيح، وليس من ضرورة من تحركت شهوته أن يوقع الفعل الممنوع. وإذا أمكنه كف نفسه عن تحصيل شهوته، [فهل يكون] خوفه على نفسه [مرخصًا له] الإقدام على الفعل؟