للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما المجوزون، فقد قالوا: لا ننكر العلم على الجملة، فإنا إذا علمنا أن معلومات الباري تعالى لا تتناهى، فقد علمنا أمرا لا محالة، إذ يستحيل علم لا معلوم له، ومعلومة المعلومات غير المتناهية، وهي غير مفصلة عندنا قطعا، لاستحالة تعلق العلم الحادث بما لا يتناهى على التفضيل، وأن كل معلومين يصح (٣٠/أ) العلم بأحدهما مع الغفلة عن الآخر، فإذا علما، فإنما يعلمان بعلمين مختلفين، فإنه لو تعلق بما علم واحد، لاستحال أن يعلم أحدهما مع الغفلة عن الآخر، وكان يجب عقلا أن يعلما معا.

وقد صورنا جواز العلم بأحدهما مع الغفلة عن الآخر، وكل ما أفضى إلى استحالة المجوز، فهو باطل وانقلاب الجائز محالا محال. وما أفضى إلى المحال فهو محال. وإذا كان كذلك، فلو قدرنا كون الحادث يصح منه أن يعلم ما لا يتناهى، للزم أن يعلمها بعلوم لا تتناهى، وتوجد تلك العلوم قائمة بالعلم، وما حصره الوجود، فهو متناهٍ ضرورة، فاستحال أن يعلم المخلوق ما لا يتناهى على التفصيل، فإذا لم يعلم المعلومات غير المتناهيات، إلا من حيث الجملة، لا من حيث التفصيل.

<<  <  ج: ص:  >  >>