للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الاستدلال الثاني، وهو قولهم: لو علم الواحد منا معلوما من حيث الجملة، للزم أن يكون الباري تعالى عالما به مع علم بالتفصيل، والعلمان متناقضان. إذ قد بينا أن العلم بالجملة يناقض العلم بالتفصيل. فقد اختلف جواب أهل الحق عن هذا السؤال، فذهب القاضي أبو بكر إلى التزام ذلك، وقضى بأن الباري تعالى لا يتصور أن يعلم شيئا من حيث الجملة لإحاطته بالتفاصيل. والتزم أن قال: إذا خلق الله لعبده علما متعلقا من حيث الجملة، لم يكن عالما بمعلوم العبد، وإن كان عالما بعلمه، لأن خالقه ومبتدعه. قال: ولا بعد في خروج بعض المعلومات عن أن يتعلق بها العلم القديم. قال:

والمحقق هو الذي يدور مع الدليل ولا يجبن. وهذا يناظر ما ذهب إليه من أن القدرة الحادثة تؤثر في حال، والكسب، ولا تتعلق [بقدرة] القديم.

وهذا القول لا نراه ولا نرضاه، ومن المستحيل أن يخرج ممكن عن القدرة القديمة، مع عموم التعلق، وتحقق التماثل في المتجددات. وكذلك لا سبيل إلى أن يخرج معلوم عن العلم القديم، لما قررناه من استواء المعلومات بالإضافة إلى العلم، إذ ما تعلق بأحد المثلين، مع صحة تعلقه بالمعدودات التي يجوز افتراقها، وجب أن تستوي النسبة إلى الجميع. وقد أجمع أهل الإسلام على أن الله تعالى عالم بجميع المعلومات، لا يشذ عن علمه معلوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>