وأما الثالث: وهو تسميتهم العلة عند تخلف وصفها سببا، (٨٩/ ب) فمن جهة أنها لما حصلت، ولم يحصل الحكم، نزلت منزلة الحبل، إذا لم يقع إسقاء، فحسن إطلاق السبب عليها من هذا الوجه. ووجه البعد: هو أنه إذا حصل الوصف الباقي، لم يحل الحكم عليه وحده، وأحيل على المجموع، بخلاف الحبل بالإضافة إلى [الاستقاء]، فإنه إذا حصل الماء، لم يحل على الحبل، بل على الإسقاء.
وأما إطلاق الرابع على العلة بكمالها، فوجهه أن علل الشرع علامات، والأحكام تثبت بالنصوص عند وجدان العلل، فأشبه ما يحصل [العلم] عنده لا به. وهذا ضعيف، لأن علل الأحكام، وإن كانت لا توجبها لأعيانها، فقد تنزلت في نظر الشرع منزلة المقتضيات، حتى نتبين لولا هذه المصالح، لم تشرع هذه الأحكام، والحكم إذا حصل أحيل على علته. فمن هذا الوجه، كان هذا أبعد الاصطلاحات عن وضع اللغة.
فإذا ثبت ذلك، فالإمام نزل السبب على بعض (١١٧/ أ) هذه الوجوه الأربعة، وهو إطلاقه على ما لا أثر له مستقلا، [ولو] كان له أثر [لاستقل]. فإذا قيل: لا يكون [هذا] سببا، فقد نفى ما له أثر، وإن كان