العلة [القاصرة] إذا استنبطت من ظاهر خاصة، فإنها عنده تعصم الظاهر، وتمنعه من التخصيص، على تقدير استنباط علة منه تقتضي تخصيصه، فجعل كونها عصمت الظاهر مفيدة حكمًا، فهو في معنى التعدية، وإن لم يكن تعديًا تحقيقًا.
وهذا الذي قاله غير صحيح، على مقتضى قواعده، وذلك أنه لا يخلو الظاهر إذا استنبط منه العلة القاصرة، إما أن يستنبط منه علة متعدية، أو لا يستنبط منه، فإن لم يستنبط منه علة متعدية تقتضي تخصيصه، فالظاهر مُقر على ظهوره، ولا يجوز تخصيصه، فلا حاجة إلى العلة القاصرة على هذا التقدير. وإن استنبط علة متعدية تقتضي التخصيص، فهي العلة الصحيحة دون الأخرى، فيجب الاعتماد عليها [واطراح] القاصرة.
فلئن قيل: لا تعتمد المتعدية إلا على تقدير ترجيحها على القاصرة في محل الاستنباط، فهذا يفضي إلى القول بصحة القاصرة على الإطلاق، لأنها متهيئة لمعارضة ما يقدر متعديًا. وهذا هو الذي أبديناه من فوائدها قبل هذا.
قال الإمام: (فإن قيل: قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبيعوا الورق بالورق")