للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[- رضي الله عنه -]، وتتابع [الناس]، أي تتابعوا وكثروا، جمع الصحابة [- رضي الله عنهم -] واستشارهم، فقال علي ما قال. وهذا لعمري ليس انفصالًا عن السؤال، فإن ظاهر هذا أنهم جعلوه حدًّا ينتهي إليه. ولقد بقي في نفس علي إشكال حتى أنه قال: "أما أنا فلا أقيم الحد على أحد فيموت، فأجد في نفسي منه شيئًا إلا شارب الخمر، فإنه إن مات وديته، فإنه أمر أحدثناه". أو كلامًا هذا معناه.

فإن قيل: فما وجه الجواب عن السؤال؟ قلنا: الذي [يصح] عندنا في ذلك أنهم - رضي الله عنهم - رأوا الواقعة- لما كثر شرب الخمر- واقعة أخرى ليست الواقعة الأولى بحال، فاجتهدوا في حكمها بعد اعتقاد الابتداء فيها، فلا يكون في ذلك مناقضة نص أصلًا.

فإن قيل: يلزمكم [على] هذا إذا تتابع الناس في الزنا أو في القذف أن تغيروا الأحكام، وتلتفتوا إلى الأحوال، واختلاف الأزمان [والمكان]، وذلك باطل من دين الأمة بغير إشكال (١٢٤/ أ). وعن هذا جوابان:

أحددهما- أن التعزير يشعر بالتخفيف، وعدم التضييق، ولذلك رُد الأمر [فيه] إلى الأئمة في القيود، وتفاوت المقادير. وأما الحدود فقد ثبتت على كمال التضييق، فلا يلزم من انضمام الكثرة، قيدًا مؤثرًا في قاعدة التعزير، أن يفعل مثل ذلك في قاعدة الحدود.

<<  <  ج: ص:  >  >>