للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابه، (١٣٤/ أ) إلا أن أكثر مصير من صحبه إليها. والمقيم بها أكثر من الظاعن عنها. فكان بذلك عملهم في القلوب أثوى من عمل غيرهم.

وقد كان إجماع من بالمدينة في غير شيء حجة على من سواهم. ولم يجد مخالفنا بُدًّا من الرجوع إليهم في المد والصاع والأحباس وغيرها. فكانوا - رضي الله عنهم - على الحق الواضح، والطريق اللائح، لا يغيرون ولا يبدلون، بل لم يزالوا على ذلك حتى [لقوا الله - عز وجل -].

ثم سلك مسلكهم، ونهج منهجهم التابعون لهم بإحسان، فكانوا أعلم خلق الله بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولقد كان الناس إذا اختلفوا في غيرها، جاءوا إليها ليعلموا ما عند أهلها. وهذا بين في النفوس، مستقر في القلوب. وليس [من] هو من أهل البلد في معرفة سيرة أهلها، كمن نقلت إليه أخبارهم. هذا معروف بالعادات.

ولم يزل الأمر على ذلك إلى [زمن] مالك - رضي الله عنه - وأفضت [إليه] الإمامة، ورجع الناس إلى قوله. قال بعض الناس: [قدمت] المدينة بعد موت نافع مولى ابن عمر بسنة، فوجدت الحلقة لمالك، وهو غلام. وكان - رضي الله عنه - أمير المؤمنين في السير في عصره، ورأس الراسخين في العلم في دهره، شهد بذلك رؤساء قرنه.

وشتان بين من نشأ في دار الهجرة على الوجه الذي ذكرناه، وبين من

<<  <  ج: ص:  >  >>