الرابع: أن نقول لهم: ما قولكم لو علم الله أنه لا يوقع شيئا، أو علم أنه يوقع الجميع، فما الذي تقولون؟ إن قلتم: إنه لم يوجب شيئا، فهو محال. وإن قلتم: إنه أوجب واحدا من آحاد، ورد الخيرة في التعيين إلى خيرة المكلف، فمتعلق الوجوب خصلة، من جهة كونها خصلة، ولا خيرة في ذلك، ومتعلق التخيير التعيين، ولم يتعرض له التكليف. وإن كان من ضرورة دخول الشيء الوجود أن يكون متعينا.
فإن قيل: فإذا صح تعلق التكليف بأحد فعلين لا بعينه، فهل يصح تعلق التكليف بأحد شخصين لا بعينه؟ وما حقيقة فرض الكفاية، أهو فرض على الجميع ويسقط بفعل واحد، أو هو واجب على بعض لا بعينه؟ قلنا: هذا محل غامض، وأمر ملتبس، ونحن نكشف الحق في ذلك بعون الله وتوفيقه.
وأعلم أنه لا يعقل التكليف إلا عند اجتماع أربعة أمور: أحدها- التكليف، والثاني- المكلف، والثالث- المكلف، والرابع- ما يتعلق بالتكليف. (٣٢/أ) وقد مرت هذه القسمة في أول الكتاب.
وإذا كان كذلك، وجب عقلا تعيين المكلف، لقيام التكليف به، وتعيين التكليف أيضا، فإن ل في نفسه حقيقة معقولة، لا يعقل اللبس في ذاته.
الثالث: المكلف به، وهو الذي نازع فيه المعتزلة، هل يجب تعينه عقلا أم لا؟ وهم متفقون على استحالة الإبهام، ولكن لهم مذهبان: أحدهما-