وجوب الجميع. والثاني- أن الواجب معيين، وهما جميعا يقضيان إلى نفي الخبرة، ومنع الفرق بين المتماثلات في الصفات.
وأما الركن الرابع: وهو المكلف، فقد ذهب أبو حامد إلى أنه يستحيل أن يكون مبهما. واحتج بأن الوجوب إنما يعقل على تقدير ذم التارك أو عقابه، ويستحيل أن يعاقب أحد الشخصين لا بعينه، فيستحيل توجه الوجوب على واحد لا بعينه. كما يستحيل خلق السواد في واحد لا بعينه، وكذلك الضرب وغيره. والذي نختاره خلاف ذلك، وندل عليه بالمعقول والمنقول.
أما (٦٢/أ) المعقول: فإن السيد إذا قال لعبيده: ليأتني أحدكم بشيء من الأشياء، وحتم ذلك وضيقه، وعلم منه بقرائن أحواله إيجابه لذلك الشيء. فلا يخلو: إما أن يقال: لم يطلب [منهم] شيئا، وهو ضد ما صرح به. أو يقال: طلب من جميعهم. وهو باطل، لأنه قال: ليأتني أحدكم. وإما أن يقال: أوجب الإتيان على واحد بعينه، فهو باطل من وجهين: أحدهما- تعيين من غير نصب دليل عليه.
الثاني: أنه قد يصرح، ويقول: أي واحد كان.
وأما المنقول: فقد قال الله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة}. ولم يعين تلك الطائفة. وكذلك قوله:{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف}. ولم يعين تلك الأمة. وأيضا فإن الطلب قد يوجه على وجه لا يتصور أن يعم الجميع، كما إذا كان عند السيد مائة عبد مثلا، وقال:[ليأتني] أحدكم بكوز ماء، فيعلم على القطع أنه لم يأمر بجميعهم بذلك، وكيف يمكنهم