للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله في البقرة: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ} [البقرة: ٢٥٧]؛ يعني: كعب، {يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النَّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ}.

نظيرُها في النساء، حيثُ يقولُ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} [النساء: ٥١]؛ يعني: اليهود، {يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ}؛ يعني: كعبَ بن الأشرفِ» (١).

تحليل هذه الوجوه:

إذا نظرتَ إلى هذه التفسيراتِ التي ذكرها لِلَفْظِ الطَّاغوتِ، وجدتها تفاسيرَ على المعنى، نظرَ فيها إلى سياقاتِ الآي ففسَّر بها، ولم يُعرِّجْ على أصلِ اللَّفظِ ومعناه في اللُّغةِ.

والطَّاغوتُ مأخوذٌ من مادَّةِ «طغى»، وهذه المادَّةُ لها أصلٌ واحدٌ، وهو مجاوزةُ الحَدِّ (٢)، فكلُّ شيءٍ تجاوز به المرءُ الحدَّ، فقد طغى به، قال الرَّاغبُ الأصفهانيُّ (ت: بعد ٤٠٠): «الطَّاغوتُ: عبارةٌ عن كلِّ متعدٍّ، وكلِّ معبودٍ من دونِ اللهِ» (٣).

وإذا تأمَّلتَ هذه الوجوه الثلاثَةَ التي ذكرَها مقاتلٌ (ت:١٥٠)، وجدتها ترجِعُ إلى هذا المعنى الذي ذكره الراغبُ (ت: بعد ٤٠٠)، والله أعلم.

وهذه الأمثلةُ وغيرُها تُبَيِّنُ أنَّ كتبَ الوجوهِ والنَّظائرِ تَنُصُّ على المعنى اللُّغويِّ إذا كانَ مراداً في الآيةِ، كما تُكثِرُ من ذِكْرِ المعنى الاستعمالي [أي: المناسب للسياق]، ولا يكونُ فيه ـ في الغالبِ ـ خروجٌ عن المعنى اللُّغوي، كما ظهرَ في التَّمثيلِ السَّابقِ، والله أعلم.


(١) الأشباه والنظائر (ص:١١٥ - ١١٦)، وهو بنصِّه في الوجوه والنظائر، لهارون الأعور (ص:٩٦)، والتصاريف، ليحيى (ص:٢٠٧).
(٢) ينظر: مقاييس اللغةِ (٣:٤١٢).
(٣) مفردات ألفاظ القرآن (ص:٥٢٠).

<<  <   >  >>