الحمد لله رب العالمين، أنزل خير كتبه على خير رسله، وجعله بلسان عربي مبين، والصلاة والسلام على النبي الأمي العربي، وعلى الآل والصحب الكرام، وعلى التابعين لهم إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن من سنة الله سبحانه أن يرسل الرسول بلسان قومه، وينْزل عليهم الكتاب بلسانهم، ليفهموا عن الله خطابه ومراده، فيؤمنون به ويصدقونه، ولو كان بغير لغتهم لاحتاجوا إلى ترجمان يبين لهم.
ولما كان الأمر كذلك، كانت لغة العرب من أهمِّ المصادر وأوثقها في معرفة كلام الله تعالى، وكان من أهمِّ ما فيها ـ وهو من بدايات علم التفسيرِ ـ معرفة دلالات الكلامِ [أي: معاني الألفاظ] التي يدور عليها كثيرٌ من علمِ التَّفسيرِ، ليُعرفَ المرادُ بالخطابِ. وهذا مما لا يسع الجهل به لمن أراد علم التفسير، وبيان معنى كلام الله الخبير، إذ لزاماً عليه أن يعرف مدلولات الألفاظِ، ويستشرح معانيها من مصادرها المعتمدةِ.
من رام معرفة مدلولاتها من غير لغته، أو اعتمد معاني محدثة أو مولَّدة أو مصطلحاتٍ ليست من لغته = كان من أهل التَّحريفِ والزَّيغِ؛ كمن فسَّر «استوى» بأنه «استولى»، ولست تجد هذا المعنى محكيًّا عن العربِ، أو من فسَّرَ الذَّرَّةَ الواردة في القرآن على أنها الذَّرَّةُ التي يحكيها علماء الفيزياء والكيمياء.
واللغةُ سدٌّ منيع لمن أراد أن يفسِّر كلام الله بما لا يعرفُ معناه إلاَّ