للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقلت له: هذا الذي تصنعُ ليس بشيءٍ.

فقال: الكتابُ لمنْ أصلحَهُ، وليسَ لمنْ أفسدَهُ.

قال أبو حاتم: فلمْ يُلتَفَت إلى كتابِهِ، وصارَ مُطَّرَحاً» (١).

وقد وردتْ نسبتُه له في الكتبِ التي اعتمدها الثَّعلبيُّ (ت:٤٢٧) (٢) في مقدمةِ تفسيرِه، باسمِ «غريبِ القرآنِ» (٣)، وهذا يدلُّ على أمرينِ:

الأول: أنَّ الأخفشَ (ت:٢١٥) له كتابٌ آخرُ غير كتاب «معاني القرآنِ»، وهو في «غريب القرآنِ».

والثاني: أنه اعتمدَ في كتابه «غريب القرآنِ» على كتاب «مجازِ القرآنِ» لأبي عبيدةَ (ت:٢١٠).

وبموازنة كتاب «معاني القرآنِ» بكتابِ «مجازِ القرآنِ»، تلحظُ البونَ الشَّاسعَ بين منهجيهما: فكتابُ معاني القرآنِ نحوٌ وتصريفٌ، وكتابُ مجاز القرآنِ تفسيرُ ألفاظٍ وذكرُ شواهدٍ لها، وليس بينهما أدنى اتفاقٍ، وهذا يدلُّ على أنَّ الكتابَ الذي استفادَ فيه الأخفشُ غيرُ كتابه المعاني.

هذا، وقدِ اجتهدتُ أنْ أُخرِجَ صورَ التَّفسيرِ اللُّغويِّ الموجودةَ في كتاب «معاني القرآنِ»، فظهرَ لي منها مادةٌ قليلةٌ جداً، وسأذكُرها ثَمَّ.

أولاً: دَلاَلَةُ الألْفَاظِ:

سبقتِ الإشارةُ إلى أنَّ الأخفشَ (ت:٢١٥) لم يكنْ عِلمُه باللُّغةِ كعلمِهِ


(١) طبقات النحويين واللغويين (ص:٧٣).
(٢) أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أبو إسحاق، مفسر، محدث، علم بالعربية، حدَّث عن ابن مهران المقرئ وغيره، وأخذ عنه المفسر أبو الحسن الواحدي، له كتاب: الكشف والبيان عن تفسير القرآن، توفي سنة (٤٢٧). ينظر: سير أعلام النبلاء (١٧:٤٣٥ - ٤٣٧)، ومعجم المفسرين (١:٦٢).
(٣) ينظر: تفسير الثعلبي، نسخة المحمودية، بمكتبة المدينة المنورة العامة (لوحة: ١١).

<<  <   >  >>