للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك ما لم أجدْ له جواباً حتى الآن!

هذا، وقدْ تبينَ لي بعدَ جمعِ مادَّةِ هذا الموضوعِ: أنَّ الانحرافَ في التَّفسيرِ كانَ له أسبابٌ؛ منها:

١ - اعتمادُ العقلِ في الاعتقادِ والاستدلالِ (١).

٢ - اعتمادُ اللُّغةِ مجرَّدَةً عن غيرِها منَ المصادرِ.

٣ - البعدُ عنْ تفسيرِ السَّلفِ، وعدمُ الأخذِ به.

وقدْ ساعدَ على هذا اتِّساعُ لغةِ العربِ، ولا خلافَ في أنَّ تفسيرَ القرآنِ بلغةِ العربِ أصلٌ أصيلٌ في التَّفسيرِ، غيرَ أنَّ المرادَ هنا أنْ يكونَ تفسيرُه بمجرَّدِ ما يحتمله اللفظُ المجرَّدُ عن سائرِ ما يبين معناه، منْ نَظَرٍ إلى: المتكلِّمِ به، والمنَزَّلِ عليه، والمخاطَبِ به، وسياقِ الكلام (٢).

والسَّالكُ لهذا السَّبيلِ صنفانِ:

الأوَّلُ: بعضُ أهلِ اللُّغةِ الذينَ يفسِّرونَ القرآنَ بحسبِ ما بلغَهم منْ لغةِ العربِ.

الثاني: أهلُ البِدَعِ الذين يريدونَ إثباتَ بِدَعِهم باعتمادِهم على مجازِ اللُّغةِ وسَعَتِها.


(١) يدخل في هذا كلُّ من جعلَ له أصلاً يقيسُ الكتاب والسنة عليه، فما وافق أصله قَبِلَهُ، وما خالفَ أصله لم يقبلْه؛ كمن يجعلُ الذَّوقَ أصلاً، أو يجعلُ أقوال شيخه ومعلمه أصلاً، وهكذا.
ويُشبه هذا بعضُ التفسيراتِ المعتمدة على اللغةِ، حيثُ تُجعلُ اللغةُ التي جمعها اللغويون أصلاً يحكمون به على ما ورد من تفسيرات السلفِ اللغوية، فإن لم يجدوه في كتب اللغة ردُّوه، وهذا غير صحيح، إذ قد تكون لغة لم تبلغ اللغويين، وليس كل العلم يحاطُ به حتى يجوز النفيُ.
(٢) ينظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام (١٥:٩٤)، ومقدمة في أصول التفسير (ص:٨١).

<<  <   >  >>