للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة السادسة

التَّفسيرُ اللُّغويُّ بين البصرةِ والكوفةِ

إذا تأمَّلتَ المؤلفاتِ التي كَتَبَهَا اللُّغويُّون في البحثِ اللُّغويِّ والقرآنيِّ، وجدتَ أنها ظهرتْ في البصرةِ والكوفةِ (١)، وهاتان القريتانِ كانتا منشأ البحثِ النَّحويِّ الذي كان قد سبق البحثَ اللُّغويَّ.

وإذا قرأتَ في تراجمِ علماءِ العربيَّةِ في هاتين المدينتين، وجدتَ بينهم منافسةً علميةً في البحثِ والكتابةِ، ووجدتَ أنَّ علماءَ البصرةِ كانوا السَّابقينَ في التَّأليفِ النَّحويِّ بكتابِ سيبويه (ت:١٨٠) (٢)، وفي التَّأليفِ اللُّغويِّ بكتابِ النَّوادرِ، لأبي عمرِو بنِ العلاءِ (ت:١٤٥)، وفي البحثِ اللُّغويِّ القرآنيِّ بكتابِ مجازِ القرآنِ، لأبي عبيدةَ (ت:٢١٠) (٣).

وقدْ كانَ لعلماءِ هاتين المدينتين منهجُهم في البحثِ النَّحويِّ، ولا يبعدُ


(١) قال أبو الطيب اللغوي (ت:٣٥١): «ولا علم للعرب إلاَّ في هاتين المدينتين [يعني: البصرة والكوفة]، فأمَّا مدينة الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فلا نعلم بها إماماً في العربية، قال الأصمعي: أقمت في المدينة زماناً، ما رأيت بها قصيدة واحدة صحيحة إلاَّ مُصحَّفة أو مصنوعة». مراتب النحويين (ص:١٥٥ - ١٥٦)، وينظر: الاقتراح، للسيوطي، مع شرحه: الإصباح، للدكتور محمود فجال (ص:٩٢).
(٢) عمرو بن عثمان بن قنبر، البصري، إمام النحو، توفي سنة (١٨٠). ينظر: طبقات النحويين واللغويين (ص:٦٦ - ٧٢)، وإنباه الرواة (٢:٣٤٦ - ٣٦٠).
(٣) سيأتي الحديثُ عن أول من دوَّن في التفسير اللُّغوي من اللُّغويِّين، وقد رأيتُ أن اشتهار كتاب مجاز القرآن، وإنكار معاصريه من دلائل سبقه، وهو احتمالٌ، وليس قولاً على التَّحقيقِ، والله أعلمُ.

<<  <   >  >>