للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١ - في قولِه تعالى: {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ} [الواقعة: ٢٩]، قالَ أبو عبيدةَ (ت:٢١٠): «زعمَ المفسِّرونَ أنَّه الموزُ (١)، أمَّا العربُ، فالطَّلْحُ عندهم: شَجَرٌ كثيرُ الشَّوكِ» (٢).

وعبارتُه هذه فيها تضعيفٌ لما وردَ عن المفسِّرينَ من السلف، كما أنَّ فيها إشارة إلى أنَّ ما وردَ عنهم ليسَ من قَولِ العربِ! وقدْ وردَ تفسيرُه بالموزِ عن صحابيين، هما: عليٌّ (ت:٤٠)، وابنُ عباسٍ (ت:٦٨)، وورد عن جمعٍ من التابعينَ، وهم: قسامةُ بنُ زهيرٍ (ت: بعد٨٠) (٣)، ومجاهدُ (ت:١٠٤)، وعطاءُ (ت:١١٤)، وقتادةُ (ت:١١٧) (٤).

أليسَ عليٌّ (ت:٤٠)، وابنُ عباسٍ (ت:٦٨) مِمَّنْ تُؤخذُ منهم اللُّغةُ؟! إنَّهم منَ العربِ، فكيفَ يقولُ أبو عبيدةَ (ت:٢١٠): «أما العربُ، فالطَّلحُ عندهم: شجرٌ كثيرُ الشَّوكِ»؟

لو كانَ أبو عبيدةَ (ت:٢١٠) يعتمدُ تفسيراتِ السَّلفِ في إثباتِ اللُّغةِ، لقالَ بأنَّ هذا اللفظَ له معنيان عند العربِ، كما هو الحالُ في غيرِه من الألفاظِ التي تعدَّدتْ دلالاتُها عندَ العربِ.

قالَ إبراهيمُ الحَرْبِيُّ (ت:٢٨٥): «والذينَ قالوا: هو المَوزُ، هو غيرُ معنى


(١) قال الحربي في غريب الحديث (٢:٦٣١): «أخبرنا سلمة، عن الفراء: {وَطَلْحٍ} قال: زعم المفسرون أنه الموز». والذي في معاني القرآن (٣:١٢٤) من رواية محمد بن الجهم: «ذكر الكلبي أنه الموز. ويقال: هو الطلح الذي تعرفون».
(٢) مجاز القرآن (٢:٢٥٠)، قد اعترض على هذا التفسير أبو إسحاق النظام، ينظر: الحيوان، للجاحظ (١:٣٤٣).
(٣) قسامة بن زهير المازني البصري، ثقة، روى عن أبي موسى الأشعري وأبي هريرة، وروى عنه قتادة وغيره، توفي (بعد ٨٠). ينظر: تهذيب الكمال (٦:١٢٢ - ١٢٣)، وتقريب التهذيب (ص:٨٠١).
(٤) ينظر آثارهم في: تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٧:١٨١ - ١٨٢)، وغريب الحديث، للحربي (٢:٦٣١)، وقد زاد نسبته إلى عكرمة والحسن.

<<  <   >  >>