للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلتُ: ورواه عنِ الضَّحَّاكِ أبو روقٍ، وفسَّره بزماورد (١)، ورواه الأعمشُ عنْ أبي رجاءَ العطارديِّ (٢)، وقال: هو الأترج» (٣).

وبهذا يظهرُ أنَّ هذا المعنى الذي فُسِّرَ به صحيحٌ من حيثُ اللُّغةِ، ولا يَصِحُّ ردُّه، ويكفي في ذلكَ حكايةُ السَّلفِ له (٤)، والله أعلم.

[أثر المعتقد على دلالة الألفاظ عند أبي عبيدة]

لقد كان أبو عبيدة (ت:٢١٠) متهماً في معتقده، فنُسِبَ إلى الخوارجِ (٥)، ونُسِبَ إلى المعتزلة (٦)، فهل ظهر منه في كتابه مجاز القرآن ما يعضد هذا الاتهام؟

أمَّا الخوارجُ، فلمْ يكنْ لهم في عهدِه تراثٌ يمكنُ أنْ تُعرفَ به قضايا العقيدةِ عندهم، وهي لم تظهرْ إلاَّ متأخِّرةً، وقد قرأتُ أخبارَهم في كتابِ الكامِلِ في الأدبِ، للمبرد (ت:٢٨٥)، وأغلبُ ما فيه أخبارُ قتالِهم للمسلمينَ وشجاعتهمْ في ذلكَ، ومن أكبرِ المسائلِ التي ذكرتها كتبُ الفرقِ عنهم مسألةُ الإيمانِ، وما نشأ عنه من حكمِ مرتكبِ الكبيرةِ، وتكفيرهم له، وأنه مخلَّدٌ في النارِ، وغيرها من الأحكام.


(١) ينظر: تفسير الطبري، تحقيق: شاكر (١٦:٧٠).
(٢) عمران بن مِلحان، أبو رجاء العطاردي، مشهور بكنيته، بصريٌّ، ثقةٌ مخضرمٌ، ولد قبل الهجرة، وأسلم ولم ير النبي صلّى الله عليه وسلّم، أخذ القراءة على أبي موسى، وعرضه على ابن عباس، توفي سنة (١٠٥). ينظر: تقريب التهذيب (ص:٧٥٢)، وغاية النهاية (١:٦٠٤).
(٣) تاج العروس، مادة (متك).
(٤) ينظر تفسيره للطلح (٢:٢٥٠)، فقد ردَّ تفسير السلف له. وسيأتي نقاشه لاحقاً، وينظر تفسيره تثبيت الأقدام (١:٢٤٢)، فقد فسره بخلاف ما ورد عن السلف، لعدم اعتماده على الوارد عنهم من أسباب النُّزول وقصص الآي.
(٥) ينظر مثلاً: إنباه الرواة (٣:٢٨١).
(٦) ينظر مثلاً: طبقات النحويين واللغويين (ص:١٧٧).

<<  <   >  >>