للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أولاً: تفسيرُ الألفاظِ دونَ ذكر الشاهدِ:

كانَ ذلكَ يجيءُ ـ في الغالبِ ـ في تفسيرِه الجمليِ الذي يوردُهُ بعدَ الآيةِ مباشرةً، أو قد يوردُهُ في ترجيحاتِهِ بعد ذِكْرِ أقوالِ المفسرينَ، ومنْ أمثلةِ ذلكَ:

١ - قال: «وقوله: {ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق: ١٩] يقولُ: هذهِ السكرةُ التي جاءتكَ ـ أيها الإنسانُ ـ بالحقِّ، هو الشيءُ الذي كنتَ تهربُ منهُ، وعنهُ تَرُوغُ» (١).

والحَيدُ: المَيلُ والعدولُ، يقال: حادَ عن الشَّيء يحيدُ حَيدَةً وحُيوداً (٢). وهو معنى الروغانِ الذي فَسَّرَ به، إذ الروغانُ: مَيلٌ، يقال: رَاغَ الرجلُ والثعلبُ رَوغاً ورَوَغَاناً: مالَ وحادَ عن الشَّيءِ (٣).

٢ - وفي قولِه تعالى: {أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى} [القيامة: ٣٧] قالَ: «يقول تعالى ذكره: أَلَمْ يَكُ هذا المنكرُ قدرةَ اللهِ على إحيائِه من بعدِ مماتِه، وإيجادِه من بعدِ فنائِه (نُطْفَةً) يعني: ماءً قليلاً في صلبِ الرجلِ (مِنْ مَنِيٍّ)؟» (٤).

والنُّطْفَةُ: الماءُ القليلُ، قالَ الأزهريُ (ت:٣٧٠): «والعربُ تقولُ للمُوَيهَةِ القليلةِ: نُطْفَةٌ، وللماءِ الكثيرِ نُطْفَةٌ» (٥).

وقال رضيُّ الدِّينِ الصَّغَانِيُّ (ت:٦٥٠): «النُّطْفَةُ: الماءُ الصافي، قليلاً كانَ


(١) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٦:١٦١).
(٢) ينظر: مقاييس اللغة (٢:١٢٣).
(٣) ينظر: القاموس المحيط، مادة (روغ).
(٤) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٩:٢٠١).
(٥) تهذيب اللغة (٣:٣٦٦). وقد نقله الزبيدي في تاج العروس في مادة (نطف)، وزاد بعد ذلك: «وهو بالقليل أخصُّ» وليس هذا في التهذيب المطبوع، فيحتمل أنه من كلام الزبيدي، أو أنه في النسخة التي اعتمدها من التهذيب، والله أعلم.

<<  <   >  >>