للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعد هذا أذكرُ أمثلةً للتَّفسيرِ على المعنى، ثمَّ أذكرُ القاعدةَ، والله الموفقُ.

أمثلةُ التَّفسير على المعنى:

الأول: التفسيرُ باللاّزمِ:

المرادُ به: أنَّ المفسِّر يُفسِّرُ اللَّفظَ بلازِمِهِ لا بمطابِقِه، للتنبيهِ على دخولِ هذا اللازم في معنى الآيةِ.

واللزومُ أحدُ الدلالات اللَّفظيَّةِ الوضعيَّةِ، التي تُستفادُ من اللَّفظِ عقلاً أو عُرفاً، كالكتابةِ تستلزِمُ كاتباً، والبناءُ يستلزِمُ بنَّاءً، وهكذا (١).

ومن أمثلته:

وفي تفسير قوله تعالى: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} [البقرة: ٢٧]، قال الطبريُّ (ت:٣١٠): «والخاسرونَ: جَمْعُ خاسرٍ، والخاسرونَ: الناقِصُونَ أنفسَهم حظوظَها ـ بمعصيتِهم الله ـ من رحمتِه، كما يَخْسَرُ الرَّجلُ في تجارتِه بأنْ يُوضَعَ من رأسِ مالِه في بيعِه.

فكذلكَ الكافرُ والمنافقُ، خَسِرَ بحرمانِ الله إياه رحمتَهُ التي خلقَها لعبادِه في القيامةِ، أحوج ما كان إلى رحمتِه.

يقال منه: خَسِرَ الرَّجُلُ يَخْسَرُ خَسْراً وخُسْرَاناً وخَسَاراً، كما قال جريرُ بنُ عطيَّةَ (٢):


(١) ينظر في ذلك: التعريفات، للجرجاني (ص:١١٠)، وجامع العلوم للأحمد نكري (٢:١٢٤).
والدلالات اللَّفظية الوضعية: دلالة المطابقة، وهي دلالة اللَّفظِ على ما وُضِعَ له، ودلالة تضمُّن، وهي دلالة اللَّفظِ على جزءِ معناه، ودلالة لزوم أو التزام.
(٢) ديوان جرير، بشرح ابن حبيب، تحقيق: د. نعمان محمد طه (٢:١٠١٧)، وهو من رجزٍ له يهجو به غسان بن ذهيل السليطي، وسليط بطن من يربوع قوم جرير، =

<<  <   >  >>