للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مصطلحُ اللُّغةِ في كلامِ السَّلفِ:

وقدْ وردَ استخدامُ السلفِ لمصطلح اللغةِ على ما ذكره العلماء في التعريف الاصطلاحي، وذلك أنهم ذكروا في تفسيرِ بعضِ الألفاظِ أنها «بِلُغَةِ كذا»، مثل ما ورد عن الضَّحَّاكِ (ت:١٠٥) (١) في قوله تعالى: {كَلاَّ لاَ وَزَرَ} [القيامة: ١١]، حيثُ قال: «يعني: الجبلَ، بلغةِ حِمْيَر» (٢). وغالباً ما يَرِدُ تعبيرُهم بهذا إذا كان اللفظُ المفسَّرُ نازلاً بغيرِ لغةِ قريشٍ أو لغةِ العربِ، وقد اصطُلِحَ على ما كان بغيرِ لغةِ العربِ بمصطلح: «المُعَرَّب» (٣).

كما وردَ عنهم التعبيرُ عن اللغةِ بأنها الكلامُ، ومن ذلك ما وردَ عن ابنِ عباسٍ (ت:٦٨) في قوله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: ٤]، قال: «من الإثمِ، وهي في كلامِ العربِ: نَقِيُ الثِّيابِ» (٤). أي: في لغتِهم.

المعاني المرادفةِ للفظِ اللُّغةِ في القرآن وكلامِ السَّلفِ:

وردَ في القرآنِ مرادفُ «اللُّغةِ»، وهو «اللِّسانُ»، ومما جاء في ذلك، قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ} [إبراهيم: ٤].

قال قتادة (ت:١١٧) (٥): «بلغة قومه» (٦).


(١) الضحاك بن مزاحم الهلالي البلخي، مفسر، وثَّقَهُ الإمام أحمد، وقال الثوري: «خذوا التفسير عن أربعة، وذكر الضحاك منهم»، وهو يروي تفسيرَ ابن عباسٍ مرسلاً؛ لأنَّه لم يلقه، مات بخراسان سنة (١٠٥). ينظر: الجرح والتعديل، لابن أبي حاتم (٤:٤٥٨ - ٤٥٩)، والثقات، لابن حبان (٦:٤٨٠ - ٤٨١).
(٢) تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٩:١٣٨)، وينظر: الدر المنثور (٥:٥٠٢)، (٧:١١٩)، (٨:٤٩٢، ٥٢٦).
(٣) المُعرَّب: ما قيلَ بأنَّ أصله غير عربي.
(٤) الدر المنثور (٨:٣٢٦)، وينظر: تفسير الطبري، ط: الحلبي (٢٧:٢٠٢).
(٥) قتادة بن دعامة السدوسي، البصري، مفسر، حافظ يضرب به المثل في حفظه، روى عن أنس بن مالك وجمع من التابعين، واختص بالحسن البصري، ومن أشهر طرق تفسيره طريق معمر بن راشد وسعيد بن أبي عَروبة، توفي بواسط في الطاعون، سنة (١١٧). ينظر: الجرح والتعديل (٧:١٣٣ - ١٣٥)، ومعجم المفسرين (١:٤٣٥ - ٤٣٦).
(٦) تفسير الطبري، ط: الحلبي (١٣:١٨).

<<  <   >  >>