المرادُ بذلك أن يكونَ اللَّفظُ المفسِّرُ لألفاظِ القرآنِ وارداً عن العربِ، وهذا الضَّابطُ يفيدُ في رَدِّ التَّفاسيرِ التي يظهرُ عليها الصِّبغةُ اللُّغويَّةُ، وعندَ التَّحقيقِ يظهرُ أنَها لا تَمُتُّ للُغةِ العربِ بِصِلَةٍ، وغالباً ما تظهرُ هذه المعاني عندَ المبتدعةِ، وهي قسمانِ:
القسمُ الأوَّلُ: أنْ يكونَ المعنى اللُّغويُّ مُسْتَحْدَثاً، وقدْ مَرَّ في الفصلِ السَّابقِ ذكرُ مثالٍ له، وهو تفسيرُ الاستواءِ عندَ جمهورِ المبتدعةِ من أهلِ التَّأويلِ (١)، وسأكتفي بما قد سبقَ ذِكْرهُ مما يتعلَّقُ بهذا القسمِ.
القسمُ الثاني: أنْ يكونَ المعنى المُفَسَّرُ به مُصْطَلَحاً حَادِثاً، ومنْ ثَمَّ، فإنه لا يَمُتُّ لِلُغَةِ العربِ بِصِلةٍ، وتفسيرُ النُّصوصِ بالاصطلاحِ الحادثِ منْ أخطرِ التَّأويلِ وأشنعِهِ؛ لأنه يُبعدُ القرآنَ عنْ مدلولِه العربيِّ إلى مدلولاتٍ ما أَنزَلَ اللَّهُ بها منْ سلطانٍ، يقول ابنُ القيِّمِ (ت:٧٥١) ـ في معرضِ ذِكْرِهِ لأنواعِ التَّأويلِ الباطلِ ـ: «الرابع: ما لم يُؤلَفِ استعمالُهُ في ذلك المعنى في لغةِ المُخَاطَبِ، وإنْ أُلِفَ في الاصطلاحِ الحادثِ، وهذا موضعٌ زَلَّتْ فيه أقدامُ كثيرٍ منَ النَّاسِ، وضَلَّتْ فيه أفهامُهم، حيثُ تأوَّلوا كثيراً منْ ألفاظِ النُّصوصِ بما لم يُؤْلَف استعمالُ اللَّفظِ له في لغةِ العربِ البَتَّة، وإنْ كانَ معهوداً في اصطلاحِ المتأخرينَ، وهذا مما ينبغي التَّنَبُهُ له، فإنه حصلَ بسببِهِ منَ الكذبِ على اللهِ ورسولِهِ ما حصلَ؛ كما تَأَوَّلَتْ طائفةٌ قولَه تعالى:{فَلَمَّا أَفَلَ}[الأنعام: ٧٦] بالحركةِ، وقالوا: استَدلَّ بحركتِه على بطلانِ ربوبيَّتِهِ. ولا يُعْرَفُ في اللُّغةِ التي نزلَ بها القرآنُ أنَّ الأفولَ هو الحركةُ البَتَّةَ في موضعٍ واحدٍ.
وكذلكَ تأويلُ «الأحد» بأنَّه الذي لا يتميَّزُ منه شيءٌ عنْ شيءٍ البَتَّةَ. ثمَّ قالوا: لو كانَ فوقَ العرشِ لم يكنْ أَحَداً. فإنَّ تأويلَ الأحدِ بهذا المعنى لا