للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طريقةُ التَّفسير اللُّغويِّ في هذه الكتبِ:

لقد استقرأتُ المطبوعَ من هذه الكتبِ، وظهرَ لي من خلال هذا الاستقراءِ أنَّ اللُّغويِّينَ سلكوا في هذه الكتبِ مسلك السَّلفِ في التَّفسيرِ اللُّغويِّ، فظهرَ عندهم التَّفسيرَ على المعنى، وعلمَ الوجوهِ، وأسلوبَ التَّفسيرِ اللَّفظيِّ. غيرَ أنَّ هذا الأخيرَ هو الغالبُ على التَّفسيرِ اللُّغويِّ عندَ اللُّغويِّين، والأولانِ لا يشكِّلانِ شيئاً كثيراً عندهم.

وقبلَ أنْ أذكرَ الأمثلةَ على ذلك، سأذكرُ ما تجدُه زائداً عن السَّلفِ من البحوث في مسائل العربيَّةِ في التَّفسيرِ عند اللُّغويِّين.

أولاً: كثرةُ مباحثِ الصَّرفِ والاشتقاقِ:

برزتْ هذه المباحثُ بكثرةٍ عند الفرَّاءِ (ت:٢٠٧) والأخفشِ (ت:٢١٥)، وغالبُ هذه المباحثِ لا أثرَ لها على التَّفسيرِ؛ أي: لا يتوقَّفُ عليها البيانُ. وإنما لما كانَ النَّظرُ اللُّغويُّ عند هؤلاءِ اللُّغويِّين هو المقصدَ في التَّفسيرِ توسَّعُوا في ذكرِ هذه المباحثِ اللُّغويَّةِ.

ويلاحظُ أنَّ هذه المباحثَ الصرفيَّةَ والاشتقاقيَّةَ في كتبِ المعاني، دون كتبِ الغريبِ. ومنَ الأمثلةِ في كتبِ المعاني:

قال الأخفشُ (ت:٢١٥): «وقال: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢]؛ لأنك تقول: طَهَرَتْ المرأةُ، فهي تَطْهُرُ. وقال بعضهم: طَهُرَتْ.

وقالوا: طَلَقَتْ تَطْلُقُ، وطَلُقَتْ تَطْلُقُ أيضاً. ويقال للنفساءِ إذا أصابها النفاس: نُفِسَتْ، فإذا أصابها الطَّلْقُ: طُلِقَتْ.

وقال: {لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [البقرة: ٢٢٥] تقول: لَغَوتُ في اليمين، فأنا أَلْغُو لَغْواً، ومن قال: هو يَمْحَى؛ قال: هو يَلْغَى لَغْواً ومَحْواً، وقد سمعنا ذلك من العرب، وتقول لَغِيتُ باسمِ فلانٍ، فأنا أَلْغَا به لَغاً؛ أي: أذكُرُهُ» (١).


(١) معاني القرآن للأخفش، تحقيق: هدى قراعة (١:١٨٦ - ١٨٧).

<<  <   >  >>