للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تمهيد في تاريخ الانحراف

لا شكَّ أنَّ الانحرافَ يرتبطُ بعضُه ببعضٍ، ولا يأتي دَفْعَةً واحدةً، وقد كانَ للانحرافِ عنِ الإسلامِ أثرٌ واضحٌ في عقائدِ المسلمينَ، وبرصدِ ظاهرةِ الانحرافِ تَجِدُ أنَّ السَّبئِيَّةَ (١) ـ التي أفرزت الرَّفْضَ (٢) فيما بعدُ ـ منْ أوائلِ الانحرافاتِ التي كانتْ تَنْخُرُ في جسمِ الأمَّةِ الإسلاميَّةِ.

وكانت مزامنةً لها بدعةُ الخوارجِ (٣)، ثمَّ ظَهرتْ بدعةُ القَدَرِيَّةِ (٤)، وكانتْ


(١) السَّبَئيَّةُ: نسبةً إلى عبد الله بن سبأ اليهودي، وكانوا يقولون بأحقيَّة عليِّ بالخلافة، حتى وصلوا إلى القول بألوهيته، والعياذُ بالله. ينظر: المعارف، لابن قتيبة (ص:٦٢٢)، ومقالات الإسلاميين (١:٨٦)، والتنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع، للملطي، تحقيق: يمان بن سعد الدين المياديني (ص:٢٩ - ٣١).
(٢) جعل الملطي السبئية فرقاً، وجعلهم من الروافض، ينظر التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع، للملطي (ص:٢٩)، وينظر: الملل والنحل للشهرستاني (ص:١٧٤)، والبرهان في معرفة عقائد الأديان، للسكسكي (ص:٨٥).
(٣) الخوارج فِرَقٌ شتَّى، ومنهم المحكمة الذين كانوا في عهد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وسموا خوارج لخروجهم عليه، ويسمَّون الحرورية، والشراة، ومن أشهر فِرَقِهم: الأزارقة والنجدات والإباضية، ومن أشهر عقائدهم: كفرُ مرتكب الكبيرة، ينظر: التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع، للملطي (ص:٦٢ - ٦٩)، والبرهان في معرفة عقائد أهل الأديان (ص:١٧ - ٣١).
(٤) هم الذين ينفون القدر الإلهي السابق، ويقولون: الأمر أُنُفٌ، ويقولون بأنَّ الإنسان يخلق فعله، فلا ينسبونه إلى الله، وقد ظهرت بدعتهم في أواخر عهد الصحابة، وكان من أوائلهم معبد الجهني وغيلان الدمشقي، ثمَّ تلقَّفها المعتزلةُ من بعدهم، وصار هذا اللقب يُطلقُ عليهم. ينظر: التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع (ص:١٧٦ - ١٨٧)، والبرهان في معرفة عقائد الأديان (ص:٤٩ - ٥٠).

<<  <   >  >>