للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالَ: «وفي التَّنْزيلِ {وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا} [النازعات: ١]، ولا أُقْدِمُ على تفسيرِه، إلا أنَّ أبا عبيدةَ ذكرَ أنَّها النجومُ تنْزِعُ؛ أي: تطلعُ (١)، والله أعلم» (٢).

في هذا المثالِ تراه قد توقَّفَ في معنى «النازعات»، مع أنه ذكرَ تفسيرَ أبي عبيدةَ (ت:٢١٠)، وكأنَّ ذلك ـ والله أعلم ـ يَنِمُّ عنْ عدمِ رضاهُ بهذا التفسيرِ.

وله مما يدلُّ على عدمِ تقليدِه أبا عبيدةَ (ت:٢١٠) في كُلِّ أقواله، قولُه: «... ويقال: العَنَتُ، أيضاً، من الإثمِ، عَنِتَ يَعْنَتُ عَنَتاً: إذا اكتسب مَأثماً.

ولستُ أذكرُ قولَ أبي عبيدةَ في تفسيرِه في التَّنْزيلِ (٣) فأُقَلِّدُهُ إياه» (٤).

وقالَ: «والرَّحْقُ: أصلُ بناءِ الرَّحيقِ، قالوا: وهو الصَّافي، والله أعلم. وفي التَّنْزيلِ: {مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ} [المطففين: ٢٥].

وخلَّطَ فيه أبو عبيدةَ، فلا أحبُّ أن أتكلمَ فيه» (٥).

وقدْ يكونُ سببُ ذلكَ التَّتَبُّعِ تأثُّرَه بشيخِهِ أبي حاتمٍ (ت:٢٥٥) الذي كانَ ينتقدُ أبا عبيدةَ (ت:٢١٠) ويُشَنِّعُ عليه من أجلِ كتابِهِ مجازِ القرآنِ.

ومنْ أمثلةِ ما نقده شيخُه أبو حاتم السجستاني (ت:٢٥٥) على مجازِ القرآنِ ما يأتي:


(١) مجاز القرآن (٢:٢٨٤).
(٢) جمهرة اللغة (٢:٨١٨).
(٣) فسر أبو عبيدة في مجاز القرآن: أعنتكم: أهلككم (١:٧٣)، وفسر العنت بأنه كل ضرر (١:١٢٣).
(٤) جمهرة اللغة (١:٤٠٣).
(٥) جمهرة اللغة (١:٥١٩). وفي مجاز القرآن (٢:٢٨٩): «الرحيق: الذي ليس فيه غش. رحيق معرق من مسك أو خمر». ولم يتبين لي وجه التخليط الذي ذكره ابن دريد، والله أعلم.

<<  <   >  >>